.................................................................................................
______________________________________________________
فلا نسلّم كونه ظاهراً في كونه نهياً ، لأنّ الصورة تحتملهما من دون تفاوت ولا قرينة على كونه نهياً ، فلم يكن في الرواية ما يمنع بقاء الأمر على حقيقته أعني الوجوب ، والأصل بقاؤه حتّى يثبت المانع ، فكان هذا الأصل قاضياً بكونه نفياً على تقدير التساوي ، على أنّه لو كان نهياً لكان مجازاً والأصل عدمه ، فهذا مرجّح آخر لكونه نفياً ، سلّمنا ولكن مثل ذلك لا يمنع الاستدلال وإلّا لتفاقم الأمر وعظم الخطب وسرى الوهن في أكثر أخبارنا.
وأمّا القرينة الثانية فممنوعة ، إذ القراءة في النفس كناية عن الإخفات بها كما شاع التعبير بها عنه في الأخبار ، ولو سلّم فكيف تجعل القراءة في النفس التي ليست قراءة حقيقة قرينة على استحبابها ، بل إبقاؤها على حقيقتها خلاف الإجماع ، على أنّ في رواية زرارة (١) ما يمنع من الحمل على الاستحباب مع قطع النظر عن كون الاستحباب معنىً مجازياً للأمر وأنّه لا بدّ له من قرينة صارفة ، لأنّ قوله عليهالسلام : «قرأ في كلّ ركعة إلى آخره ..» تفسير وبيان لقوله عليهالسلام «جعل أوّل ما يدركه أوّل صلاته» كما تشهد به صحيحة عبد الرحمن (٢) ، ولا شكّ في أنّه واجب وأنّه لا يجوز قلب الصلاة ، ولو سلّم ذلك بالنسبة إلى صحيحة زرارة فلا نسلّمه بالنسبة إلى صحيحة عبد الرحمن ، لأن الأمر فيها بالقراءة وقع في سؤال على حدة غير السؤال المشتمل على التجافي ، وكثيراً ما يشتمل الخبر على سؤالات عن أحكام متباينة ، على أنّه يلزم انسحاب الحكم إلى قوله : «فليلبث قليلاً» الّذي هو عبارة عن التشهّد في المقام ، فيحمل بمقتضى ما ذكر على الاستحباب مع أنّ الخبر هو مستند القوم في المقام على وجوب التشهّد على المسبوق. ثمّ إنّ الأمر بالقراءة وقع معلّلاً منهياً عن خلافه وهو ممّا يؤكّد الوجوب ، على أنّا قد لا نسلّم أنّ الأمر بالتجافي محمول على الاستحباب ، وقد علمت (٣) أنّ الوجوب مذهب الصدوق
__________________
(١ و ٢) وسائل الشيعة : ب ٤٧ من أبواب صلاة الجماعة ح ٤ و ٣ ج ٥ ص ٤٤٥.
(٣) تقدّم في ص ١٧٣.