ولما كان فى الجانب المقابل السيدة عائشة بنت الصديق وهى أخت محمد بن أبى بكر بذل كل وسعه فى إصلاح ذات البين ولكن عبثا ونشبت حرب ضروس.
ولا يخفى على إخوان الصفا وخلان الوفا أن الجوانب الأربعة لمصر القاهرة أى الفسطاط وهى مصر القديمة ، ومدينة بولاق وما يقرب من الإمام الشافعى ومصيف قايتباى فيها اثنتا عشرة قرافة دفن فى وادى سكونها مئات الألوف من أبناء الأنبياء ، وربما الأنبياء وكبار الأولياء والأئمة والصحابة الكرام وملوك السلف.
إلا أنه بتعاقب الأيام منذ هبوط آدم ـ عليهالسلام ـ ومنذ طوفان نوح ـ عليهالسلام ـ وهو آدم الثانى تعرضت أم الدنيا للعديد من الحوادث فأصبحت حينا عروسا فى شرخ شبابها وفى حين آخر أصبحت خرابا يبابا ، وكم من مقابر للأنبياء ومشاهد لأولياء انهدمت وانمحت آثارها.
إلا أنه منذ دخولها فى حوزة الإسلام أصبحت عروسا من جديد وعمرت. ولقد مسحت وجهى على أعتاب تلك الأضرحة وكنت أقرأ على أرواح أبناء الأنبياء وكبار الأولياء الطاهرة سورة يس أو الفاتحة على الأقل ، وقد وقعت الهيبة والخشوع فى نفسى عند زيارتها. وقد قرأت كلام الله العزيز الذى تمس إليه حاجة أرواح جميع الموتى واستمددت العون والروحانية منهم ، وما زرته من تلك الأضرحة أذكره قدس الله سرهم ونفعنا بسرهم.
وفى الساعة التى دخلت فيها مصر عائدا من الحج للمرة الأولى خرجت من قصر القاهرة وتقدمت جنوبا سيرا على الأقدام وسط المقابر ألفى قدم فى طريق رملى وفى منتصف قصبة واجهت :
مشهد شيخ الشيوخ ، الإمام الهمام ، العالم العلامة ، منهاج السالكين ومطلوب الطالبين الإمام الشافعى ـ رحمهالله ـ.
حملت الله أنى مسحت وجهى على عتبته ودخلت ضريحه وختمت القرآن الذى كنت قد نذرته ووهبت ثواب ذلك لروحه الشريفة ، وتصدقت على الفقراء وسألت الله القبول.