إلى أوطانهم بعد انتهاء المولد ، وتفترق كل الجماعات عن بعضها البعض ويصبح ميدان دسوق وهو يضطرب بين ساعة وأخرى ولكن يبقى من هذا الجمع الغفير سبعمائة شيخ من الخلفاء ، وبعد رحيل كل الزوار وانتهاء الضوضاء وسكون المكان ، يذهب هؤلاء المشايخ ليلة السبت إلى جامع إبراهيم الدسوقى ويجتمع الصلحاء والمشايخ والدراويش فيكون المولد الشريف فى تلك الليلة المباركة ويحرقون العود والعنبر والبخور ، وينثرون ماء الورد فى تكية الدسوقى ، ويتناولون الأرز باللبن والسكر ويشربون المشروبات الممزوجة بالمسك ، وهذه العادة من كل حسنات سيد مصطفى أغا مندلى زاده فى رشيد ، ويقوم كل المريدين بإحياء تلك الليلة حتى الصباح فيختم مئات حفاظ القرآن الكريم ويجلسون جماعات جماعات يذكرون الله بذكر لا يخص أى طريقة ، وبهذا التجمع روحانية وأسرار شوق لا يشعر بها سوى العاشقين فقط ولو استمع أى جاحد أو صاحب قلب متحجر لهذا الذكر فإنه سيتوب على الفور ، إنه الطريق البرهانى وهو مشهور بين طرق أهل التوحيد.
ولا يستطيع أى مريد من أى طريق آخر القيام بهذا التوحيد الخاص بالطريق البرهانى ، ويتحمله فقط القادرى والمطاوعى ، وتعد تلك الليلة بمثابة ليلة الإسراء ، بعد ذلك وفى صباح اليوم التالى يقومون بزيارة الوداع ، ويستأذن كل المريدين من الخليفة وبذلك لا يبقى شخص واحد فى ميدان دسوق ، حيث يركب كل المشايخ المراكب ويذهبون إلى ديارهم ، وقد أدى الحقير زيارة الوداع هذه وختم القرآن وأهدى ثوابه لروح الدسوقى وطلب منه الشفاعة ليتقبل الله ، ثم قبلنا يد الشيخ شرف الدين وسرنا لمسافة ثلاثة أميال فى نهر النيل فوصلنا إلى بلد مرقاص وهى فى أراضى البحيرة على ساحل النيل وهى عبارة عن قرية عامرة بها مائة منزل وحدائق النخيل ، وينزل كل المشايخ فى تلك القرية حيث يحتفلون بمولد الشيخ أبو المجد بن الشيخ إبراهيم الدسوقى وهو مدفون فى ضريح عال يقع فى حديقة نخيل وورود بجوار الجامع الكبير الموجود بالقرية حيث يحتفلون به ليلة واحدة ، وللشيخ أبو المجد مئات المناقب والكرامات منها أنه أدى الحج ماشيا سبعين مرة.