سنوات كاملة بمدينة الإسكندرية ، وبعد أن آلت الإسكندرية إلى عدد من الملوك استولى عليها الكفار فى خلافة الظاهر بيبرس ، لكنه استخلصها منهم ، وكم من مرة وهبها الله لعدد من الملوك (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر : ١٦] فهذا يأخذها وذاك تؤخذ منه ، وذلك ينهزم ، والعقل قاصر وحائر أمام ما يجرى ، الله سبحانه وتعالى الفاعل المختار ، ولا يسأل عما يفعل ، هذا ما جرت عليه إرادته الأزلية تعالى شأنه وعم نواله ولا إله غيره :
كم من عمل التوى |
|
وكم من معوج استوى |
إنه العجب العجاب |
|
والبناء برهان ذلك |
فى عام ٥٦٢ هجرى حينما كان المتقى خليفة للعباسيين تغلب عضد الدولة الفاطمى على قلعة الإسكندرية ، أما الخليفة المتقى فسيّر إليه جندا تحت إمرة أسد الدين شيركوه ، وأمّر ابن عم شيركوه وصلاح الدين يوسف بن أيوب على جيوش قصدت الإسكندرية ، فاحتشد جيش مصر والشام فى موضع واحد واستردوا الإسكندرية من يدى عضد الدولة صلحا فزفوا بذلك البشرى إلى نور الدين فى دمشق ، وأصبح صلاح الدين الأيوبى حاكم الإسكندرية ، وفى العام نفسه اتحد عضد الدولة مع الفرنجة وضرب الحصار على صلاح الدين فى الإسكندرية ، وشاور وزيره فى الصلح مع صلاح الدين على أن يدفع لصلاح الدين خمسين ألف دينار ذهبا ، فأعطى صلاح الدين الإسكندرية لعضد الدولة ، كما أعطى عضد الدولة الفرنجة الذين قدّموا إليه المدد نصف الإسكندرية ، وفى هذا العام تم استيلاء الفرنجة على مصر ، وإلى عام ٥٦٣ ه ظلت مصر فى حوزة الفرنجة.