واتّصل السلطان الغورى بالشاه إسماعيل الصفوى فأرسل إليه الغورى مددا قوامه اثنا عشر ألف جندى من المشاة ، وفى وادى (جلردر) (١) لاقى السلطان سليم بهذا العسكر فكانت الغلبة فى الوهلة الأولى لعسكر العجم. وبينما كانت الدائرة تدور على العثمانيين ، أطلق إياس باشا وهو قائد الانكشارية ثلاثمائة مدفع دفعة واحدة وأعمل العثمانيون السيف فى العجم.
وبعد أن حمى وطيس المعركة سبع ساعات تعلق الشاه إسماعيل بأذيال الفرار وفى معيته سبع رجال ونهب العثمانيون ما فى الخزينة من المال ، ووقعت تاجلى خاتون زوجة الشاه إسماعيل فى الأسر ، وقد قدموها أمانة إلى جعفر چلبى ، ولمّا رأى السلطان سليم الجند المصريين مجندلين فى سهل جلدر قال : (بسم الله النية على محاربة الغورى) ، وعاد منصورا مظفرا من جلدر. وانطلاقه إلى قيصرية ، بعث جندا تحت إمرة فرهاد باشا إلى علاء الدولة حاكم مرعش وهو من أولاد ذو القدر ، فواجهه فحشد علاء الدولة مائة رجل من التركمان واحتدمت المعركة بين الفريقين سبع ساعات ولحقت الهزيمة بعلاء الدولة ، وقدم الغنائم إلى السلطان سليم وقد تدحرجت أمام باب القصر كما تدحرج الكرات إذا ضربت بالصولجان فأرسلوا رءوس أبناء علاء الدولة وغيرهم إلى السلطان الغورى فى مصر مع رسالة جاء فيها : (نحن جند الإسلام نجاهد فى سبيل الله وقد رأينا وجوب القضاء المبرم على علاء الدولة حاكم مرعش الذى كان يقطع الطريق ويسلب وينهب ، ولقد عملنا بالآية الكريمة : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الأنعام : ٤٥]. ولقد تخلص العباد من شرهم ، وأن معونتك للقزل باش (٢) لا يليق بمسلم ، وعلى ذلك قامت الحجة فى المذاهب الأربعة ولدينا الفتوى وسوف ندخل مصر محاربين فى الربيع).
__________________
(١) وهو ما يعرف باسم چالديران.
(٣) القزل باش : معناها أحمر الرأس. وهو اسم يطلقه السنيون عموما على الشيعة من العثمانيين فى الأناضول هم وطائفة من التركمان والبدو ، وكانوا يلبسون حمر القلانس وكانت عشائرهم على المذهب الشيعى. (بتصرف واختصار) معجم الدولة العثمانية ص ١١١.