فى جرجا ، وليس فيها عسكر ولا مفتى ولا نقيب ، وهى قضاء يغل مائة وخمسين أقجه ، وفى ناحيتها ثمانون قرية ، وهذه القرى تلحق بقاضيها ويتحصل منها على خمسة أكياس فى العام ، وبها ألف بيت وسبعة محاريب وثلاثة جوامع وستة مكاتب للصبيان وخمسون سوقا صغيرة إنها قصبة صغيرة اقتضت حكمة الله أن أنزل ضيفا على دار ضيافة كاشفها ، وفى الضفة المقابلة للنيل قبيلة أبى يحيى بها ستة آلاف فارس وجند يركبون الجمال وقد حاصروا دار الضيافة التى كنت بها ونشب القتال وبدأوا فى إطلاق رصاص بنادقهم وفى دار ضيافتنا هذه وقف عشرة من الجند التابعون لإبراهيم باشا وثلاثة وعشرون من جند الكاشف وسبعة جنود ممن معنا ووقفوا جميعا وراء ثقوب المزاغل وأطلق الرصاص عليهم فقتل ستة عشر من العرب وسبعة جياد وقدم فرسانهم إلى قصبتنا ، وكان معنا سبعون فارسا فخرجنا من دار الضيافة ووقعت مناوشات بين الطرفين وقد قتل من العرب ستة وعشرون كما قتل فى دار الضيافة اثنان وأربعون من العرب وقد تدحرجت رءوسهم ، وتعلق بقيتهم بأذيال الفرار وكثير منهم غرقوا فى النيل وغنمنا منهم سبعين جوادا وسبعة حجور (١) وأحد عشر هجينا ووقع فى الأسر ثلاثة عشر عربيا واستشهد منا سبعة من العرب ونفق جوادان وقتل جندى من جنود الباشا وثلاثة من رجال الكاشف وأمام دار الضيافة وضع اثنان من العرب على الخازوق ووضعت رأسهما على رمح وحشى جلدهما بالقش وبعث بهما فى موكب إلى جرجا ، وقد وهبنى الكاشف ثلاثة حجور وهجينا ، وقد مضيت مع الجند إلى جرجا فى الموكب وتجاوزناها إلى :
بلدة شيخ ابن عابد
وهو من المشايخ المطيعين للسلطان سليم ، وتسمى هذه القبيلة قبيلة الهوارة وخيول مصر فى هذه القبائل إنهم عشرة عشائر وقبائل ، ورجالها شجعان ولهم ثمانية آلاف جندى وأرضهم كثيرة المحاصيل ولهم خمسمائة بيت وجامع ودار ضيافة ، وللشيخ عابد بها قصر عظيم ، وثمة ضريح للشيخ ابن منجا وفى كل ليلة جمعة يزور الشيخ ابن عابد ضريح الشيخ ابن منجا ويقيم له المولد الشريف ، ويضيف الفقراء والمساكين ومنحتنى
__________________
(١) الحجر : أنثى الخيل ، والجمع : حجور وأحجار انظر : المعجم الوجيز ص ١٣٦.