فإنها من أفضل القربات وأشرف العبادات ، حتى قال الأخضري في شرح السلم : اتفق العلماء على أن جميع الأعمال منها مقبول ، ومنها مردود إلّا الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ فإنه مقطوع بقبولها إكراما له. وقال الشيخ عبد السلام بن إبراهيم اللقاني ـ في آخر شرحه على جوهرة التوحيد ـ : ولما كانت الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم غير مردودة ، ختم كنابه بعد البداءة بها ليكون وسيلة لقبولها بينهما. انتهى.
وحرر الباجي في كنز العفاف : وإنها قد ترد كلمة التوحيد مع أنها أعظم منها وأفضل لحديث الأصبهاني وغيره ، وعن أنس رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (من قالها فتقبلت منه محى الله عنه ذنوب ثمانين سنة (١)) فقيد المأمول بالقبول.
هذا ولم يعين الإمام محمد ـ حامل لواء مذهب أبى حنيفة على كاهله وراويه عنه ـ لمشاهد الحج شيئا من الدعوات ، فإن توقيتها يذهب برقة القلب ؛ لأنه يصير كمن يكرر محفوظه ، بل يدعو بما بداله ، ويذكر الله تعالى كيفما خطر له مما يوافق الشرع ، وإن تبرك بالمأثور منها فحسن أيضا على ما قاله غير واحد من أصحابنا ، لكن الأظهر أن اختيار المأثور عنه صلىاللهعليهوسلم مستحب ، والمروي عن السلف مستحسن ، ويجوز الاكتفاء على من يرد على السالك إن كان أهلا لذلك (٢). انتهى كلام الملّا علي رحمهالله تعالى.
__________________
(١) أورد الشوكاني النص : «من صلّى عليّ مرة واحدة فتقبلت ...» ، وقال : «في إسناده متهم بالوضع» الفوائد ١ / ٣٢٩.
(٢) وقال الكرماني أيضا : «إن أكثر أصحابنا لم يوقّتوا دعاء على التعيين في الطواف والسعي والمروة وغيرها وعللوا ذلك وقالوا : بأن التوقيت في الدعاء يذهب برقة القلب والخشوع ، بل يأتي بثناء ودعاء بأي ثناء ودعاء تيسر له في تلك الحالة عن إخلاص ، فإنه جائز وهو أقوى في الإخلاص والرقة والخشوع» منسك الكرماني ١ / ٤٠٤.