لبس الحرير ، وقد شقوه ، ونزعوه ، وألقوه من أعناقهم .. ولم يعترض على لبس الثياب الحبرات ، وترجيل الجمم ، والإكتحال ، لأن الإسلام يدعوهم إلى ذلك ، وإلى كل تجمل يليق بشأنهم ، بشرط أن لا يتجاوز حدود الشرع ..
غير أن ما لفت نظرنا هو : وصف الرواة لحال هؤلاء ، وكأن ذلك يوحي بأن هذه الحالة كانت استثنائية ، وغير مألوفة في المجتمع العربي ، فهي تلفت النظر ، وتثير الفضول. وربما تكون ندرتها فيهم بسبب رقة حالتهم المادية ، وضعفهم الإقتصادي ، الذي يفرض عليهم التقشف ، والخشونة ..
بل لعل هذا الضعف في عامة الناس كان يجعل من تظهر عليه أمارات الرفاهية والغنى في خطر أكيد من قبل أهل الأطماع الذين يعيشون على السلب والنهب والغارة ، وما أكثرهم ..
أبيت اللعن تحية الملوك :
وحين حيّاه وفد كنده بقولهم : أبيت اللعن ، لم يقل لهم : هذه تحية الجاهلية ، بل قال لهم : لست ملكا .. لأن مجرد أن يخطئ الإنسان في اختيار التحية الصحيحة ، فيختار تحية الجاهلية ، انسياقا مع الإلف والعادة ، أو جهلا بما يجب عليه ـ إن ذلك ـ ليس بالأمر المهم ، ويمكن معالجته بسهولة ..
ولكن الأهم منه هو : أن يخلط الإنسان بين مفهومي الملك والنبي ، فإن هذا يضر بدين ذلك الشخص وبإسلامه وبالإسلام من الأساس .. ولأجل ذلك بادر «صلىاللهعليهوآله» إلى ردعهم ، ونفي صفة الملك عن نفسه ، فقال : لست ملكا.