دخول المشركين إلى المسجد :
ربما يدّعي البعض : أن النص المتقدم ، ونظائره يدل على أن المشركين قد دخلوا مسجد النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وذلك يدل على جواز دخول الكفار إلى مساجد المسلمين ، حتى إلى مسجد النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وبذلك يرد على فتوى الفقهاء بحرمة دخول الكافر إلى المسجد ..
وأما بالنسبة لقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) (١) ، فلا دلالة فيه على خلاف ذلك :
فأولا : قد يكون المراد به القذارة المعنوية الروحية ، وهي قذارة الكفر والشرك ، لا القذارة بمعنى النجاسة على حد نجاسة الكلب والخنزير ، والدم وما إلى ذلك.
ثانيا : لو سلمنا أن المراد به النجاسة الحسية بمعناها المصطلح عند أهل الشرع ، فإننا نقول :
من الذي قال : إنه يحرم إدخال النجاسة إلى المسجد ، إذ لا دليل على حرمة إدخال قارورة دم إلى المسجد الحرام ، إذا لم يلحق المسجد منها شيء ..
ثالثا : لعل الحكم بعدم جواز دخول المشركين إلى المسجد الحرام خاص بالمسجد الحرام ، ولا يتعداه إلى سائر المساجد.
__________________
ص ٢٠٨ ، والتنبيه والإشراف للمسعودي ص ٢٣٣ ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦١ ، والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٨٨٨ ، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج ٢ ص ٢٠٩ ، وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦٠.
(١) الآية ٢٨ من سورة التوبة.