العسيب الذي في يدي ما أعطيتكه».
وهذا أقوى تصريح من شأنه أن يحصن الناس من خداع مسيلمة ، فإنه بهذه الكلمة قد نفى إشراكه في النبوة ، ونفى أهلية مسيلمة لأدنى شيء يمكن أن يخطر على قلب بشر ، فإنه إذا كان النبي «صلىاللهعليهوآله» المتصل بالغيب الإلهي ، وأحلم الناس ، وأكرمهم ، وأرحمهم ، وأحسنهم أخلاقا ، واكثرهم رفقا بالناس ، ومراعاة لمشاعرهم ـ إذا كان ـ يجبه مسيلمة بهذه الحقيقة ، فذلك يعني أن مسيلمة كان يستحق هذه الإهانة حين صدورها من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وأنه كان ينطوي على أمر عظيم ، لا بد من فضحه فيه ويجب على النبي «صلىاللهعليهوآله» أن يعريه أمام الناس ، ويكشف عن حقيقته ، ويبين قيمته لكل أحد.
بل إن النبي «صلىاللهعليهوآله» ليس فقط لا يراه أهلا للعسيب ، بل هو يرى أنه لا يجوز حتى أن يعطى ذلك العسيب ، رغم أن الكريم قد يعطي من لا يستحق أيضا ..
وهذا يكشف لنا عن خبث عظيم يجعل من إعطاء العسيب له ولو تفضلا وكرما جريمة عظيمة ، لا يمكن أن تصدر عن النبي «صلىاللهعليهوآله».
مسيلمة يستثير الغرائز والأهواء :
وقد سار مسيلمة «لعنه الله» في خططه التفصيلية في ثلاثة اتجاهات :
الأول : تأييد دعواه بأكاذيب ينسبها إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وشهادات يزورها عليه ، وبذلك يكون قد حفظ لنفسه العنصر الغيبي الذي يخضع له الناس بصورة تلقائية .. فاستمر يشهد لرسول الله