«هو» صنع ذلك. ولم يقل : «الذي» صنع ذلك .. وذلك لكي لا يدخل في وهم أحد من قاصري النظر أي وهم يؤثر على سلامة اعتقاده ، وذهابه بهذا الأمر إلى أكثر مما يجوز فيه ..
قتل الدعاة إلى الله :
ولا شك في أن قتل بني مرة لذلك الأنصاري كان في غاية القبح ، ومن موجبات أعظم الخزي ، فإنهم لم يقتلوا ذلك الرجل لذنب جناه ، ولا لدفع ضرر يأتي من ناحيته ، حتى ولو بمستوى أن يأكل من طعامهم ، ولا طمعا في ماله ، أو بغير ذلك مما يرتبط به .. كما أنهم لم يقتلوه لمجرد التلهي بسفك دمه ..
بل قتلوه لأنه يريد أن يعلمهم لكي يخرجهم من الظلمات إلى النور ، وينيلهم السعادة في الدنيا ، والفوز بجنات الله في الآخرة. ولأنه يحمل إليهم رسالة الله ، ويرشدهم إلى الحق والخير ، ويدعوهم إلى الهدى .. فكان جزاؤه منهم أقبح وأخزى مما جوزي به سنمار ..
وقد أدرك الحارث بن عوف هذه الحقيقة ، وأن شعر حسان بن ثابت من شأنه أن يفضح بني مرة في العرب ، ويكون له عليهم أوخم العواقب ، لا سيما وأن فعلتهم هذه قد جاءت في وقت انتصار الإسلام وانتشاره ، وقوته ، وظهور بخوع العرب له ، والتزامهم به ، وهم يرون ثمرات إسلامهم أمنا ورفعة شأن ، وصلاح أمور ، ونشوء حضارة ، وتخلصا من كثير من المشاكل ..
وإذا أصبحت فعلتهم هذه على ألسنة الشعراء ، فتلك هي المصيبة العظمى ، والداء الذي لا دواء له ، ولذلك طلب الحارث من النبي «صلى