٣ ـ إن هذا يدلنا على : أن هؤلاء الناس كانوا من الناحية الثقافية والفكرية في مستويات متدنية ، حيث لم يعتبروا بكل ما شاع وذاع عنه مما لا يمكن من الناحية الثقافية والفكرية إلا أن يكون بتسديد إلهي ، ومدد رباني ..
كما أن كل ما بيّنه من حقائق ، وأدلة على بطلان الشرك ، وصحة التوحيد ، لم ينفع في تكوين اليقين لديهم ، فضلا عن عدم خضوعهم لمعجزة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
كما أن فطرتهم وعقولهم لم تستطع أن تجد لها دورا في تكوين نظرتهم إلى الأمور ، وتقييمهم لها .. لأنها كانت محكومة بالأهواء ، مقصاة عن دائرة القرار. فكان لابد من تحريك ضمائرهم ووجدانهم من خلال ملامسة واقعهم الذي يعنيهم أكثر من أي شيء آخر. وأي شيء لديهم يكون أهم من أموالهم ، وحفظها ، فجاءهم الخطاب من هذا الطريق فأثر فيهم ، ورسخ يقينهم.
وفود كندة :
عن الزهري قال : قدم الأشعث بن قيس على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في ثمانين ، أو ستين ، أو اثني عشر راكبا من كندة ، فدخلوا عليه مسجده ، قد رجلوا جممهم ، واكتحلوا ، ولبسوا جباب الحبرات ، مكثفة بالحرير.
فلما دخلوا قال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «أو لم تسلموا»؟
قالوا : بلى.
قال : «فما هذا الحرير في أعناقكم»؟