ولم يكن بإمكان مسيلمة أن ينكر أو حتى أن يناقش في هذا الأمر.
٤ ـ وإذا بلغ الأمر هذا الحد ، فالنتيجة الطبيعية لذلك هي : أن يكون الأمر يرجع إلى المالك الحقيقي ، فهو الذي يجعل ذلك لمن يشاء من عباده ، فليس لأحد أن يفتئت عليه في ذلك ، لا في الأرض كلها ، ولا في نصفها ، ولا في أي شيء منها ، وهذا هو المقصود بقوله : يورثها من يشاء من عباده ..
٥ ـ وإذا كان ذلك كله يظهر تعدي مسيلمة على العزة الإلهية ، والتصرف بما لا يحق له التصرف فيه ، فذلك يعني أمرين :
أحدهما : أنه كاذب فيما يدّعيه من نبوة ، فإن من يجترئ على الله سبحانه لا يصلح لشيء مهما كان تافها ، فضلا عن أن يصلح لمقام النبوة الأسمى ..
الثاني : أن ابتعاده عن خط التقوى يحرمه من أن يمنحه الله شيئا من الأرض .. وهذا ما أشار إليه قوله «صلىاللهعليهوآله» : والعاقبة للمتقين ..
تهديد الرسولين :
إن تهديد النبي «صلىاللهعليهوآله» لرسولي مسيلمة لمجرد قولهما إنهما يقولان بمثل ما يقول مسيلمة ، يشير إلى أنهما كانا قد أسلما ثم ارتدا ، فاستحقا هذا الوعيد والتهديد ، إذ لا يمكن أن نتصوره «صلىاللهعليهوآله» يواجههما بهذه الحدة والشدة قبل أن يقيم الحجة عليهما ، ثم من دون أن تظهر عليهما بعدها أمارات التحدي والمحاربة.
مع العلم بأنه «صلىاللهعليهوآله» كان قد استقبل الكثيرين من الرسل ، ولم نجده سألهم عما يشبه ذلك في موضوع الإيمان والكفر ، فضلا عن أن يكون قد واجههم بمثل هذه الشدة.