وفي رواية : قدم وفد أحمس ، ووفد قيس ، فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «ابدأوا بالأحمسيين قبل القيسيين».
ثم دعا لأحمس ، فقال : «اللهم بارك في أحمس ، وخيلها ، ورجالها» سبع مرات (١).
ونقول :
إن لنا ها هنا بعض البيانات نعرضها فيما يلي :
أنتم اليوم لله :
قد ظهر : أن الأحمسيين حين عرّفوا أنفسهم لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، كانوا يريدون إظهار ما يعتبرونه امتيازا لهم ، مستفيدين من التعبير الذي كان يطلق عليهم في الجاهلية ، فقالوا : نحن أحمس الله. أي أشداء الله تبارك وتعالى.
ولكن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم ينكر عليهم ذلك صراحة ، ما دام أنهم ينسبون أنفسهم لله تبارك وتعالى ، ولكنه أدخل تصحيحا على المفهوم الذي أطلقوه ، من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها ، ويفرض حالة من التوازن ، والواقعية ، والدقة حين قال لهم : «وأنتم اليوم لله ..» ، فأفهمهم أن عليهم أن يبتعدوا عن الإفراط والشطط فيما يدّعونه لأنفسهم ، فهم أحمس لله. أي أشداء في سبيل الله سبحانه ، لا أنهم أشداء الله ، وهذا هو الأنسب بمقام العبودية ، والأقرب للطاعة والإنقياد.
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٦١ عن أحمد بن حنبل. ومسند أحمد ج ٤ ص ٣١٥ ومجمع الزوائد للهيثمي ج ١٠ ص ٤٩.