أولا : قد صرحت النصوص المتقدمة بأنه بمجرد وصول كتاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» خافوا وأرسلوا وفدهم إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» في المدينة ، وكانت قصة المباهلة ، فراجع.
ثانيا : صرح ابن طاووس في الإقبال : بأن النبي «صلىاللهعليهوآله» كتب إليهم هذا الكتاب ، بعد أن كتب إلى كسرى وقيصر .. وكتابه لهما إنما كان من المدينة.
ثالثا : إنه لا معنى لأن يفزع النجرانيون من النبي «صلىاللهعليهوآله» ، حين كان في مكة ، فإنه لم يكن قادرا على فعل أي شيء يوجب خشيتهم.
كما أنه لا معنى لأن يكتب إليهم : «فإن أبيتم آذنتكم بحرب ، فإنه «صلىاللهعليهوآله» لم يكن قادرا آنئذ على أن يحمي نفسه من أهل مكة ، فهل يعقل أن يعلن الحرب على النجرانيين البعيدين عنه مئات الأميال؟!
رابعا : لم تكن الجزية قد وضعت في مكة مطلقا ، وقد نزلت آيات الجزية في سنة تسع أو قريبا منها.
فإن أبيتم فالجزية :
قد أبلغ النبي «صلىاللهعليهوآله» أهل نجران بان عليهم الجزية إن أصروا على الإلتزام بدينهم ، وعلى عبادة العباد ، وأبوا عبادة الله.
وهذا النص قد أوضح أن وضع الجزية عليهم إنما هو بإزاء الإصرار على الإستنكاف عن عبادة الله وحده ، وترجيح عبادة العباد .. وذلك يظهر وجود خلل بالمعايير يحتم اتخاذ إجراء ضدهم من شأنه أن يراعي آثار هذا الإخلال ، فيتعامل مع هذا الإستكبار عن عبادة الله من جهة ، ومع ذلك