بشبهة ، أو بظرف بعينه لا يوصد أمامهم أبواب الهداية إلى الأبد ، بل تبقى الفرصة أمامهم سانحة ما دامت الفطرة سليمة ، مؤيدة بصفاء النفوس ، وطهر الأرواح ، وسلامة وصحة المعايير ..
وبعد كل هذا الذي ذكرناه ، فإن المسلمين كانوا يعيشون بالقرب من مجتمع النصارى ، أو أنهم يخالطونهم ، فلابد من حفظهم وصيانتهم من عدوى أية عاهة قد تصيب تلك الجماعات.
ومن الطبيعي أن تكون حصانتهم من الناحية العقيدية والإيمانية قوية ، بسبب قوة البراهين التي تدعوهم للإيمان والثبات فيه ..
ولكن الحصانة في موضوع الأموال التي يسيل لها لعاب الطامعين والطامحين تبقى أضعف من غيرها. وهي في معرض الإهتزاز ، أو السقوط أمام حب الإنسان للمال ، قال تعالى : (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) (١). فلابد من تجفيف منابع الإغراء من أصولها ، وجذورها ، فكان هذا الإجراء منه «صلىاللهعليهوآله» يتوافق مع القاعدة التي تقول : «درهم وقاية خير من قنطار علاج».
مؤنة الرسل وإعارتهم الخيل والدروع :
وقد لاحظنا : أنه «صلىاللهعليهوآله» يضمّن كتاب الصلح بندا يتعلق بمؤنة رسله ، وأن يعيرهم النجرانيون الدروع والخيل. وضمان رسله ما يستعيرونه من ذلك حتى يؤدوه إليهم .. إن اعتبار هذا الأمر بندا إلزاميا في
__________________
(١) الآية ٢٠ من سورة الفجر.