وما أجرأهم أيضا بقول الآخر :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له : |
|
إياك إياك أن تبتل بالماء |
الجبر واليهود ، والمشركون :
وقد ذكرنا في كتابنا : «أهل البيت في آية التطهير» : أن عقيدة الجبر هي من بقايا عقائد أهل الكتاب ، وقد صرحت بها كتبهم المحرفة بصورة واضحة ، فراجع : التوراة ، والتلمود ، والإنجيل ، قال تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١).
وقد كان سكان الجزيرة على احتكاك متواصل باليهود ، الذين يعتقدون بالجبر ، وخصوصا الفريسيين منهم ، فقد كان : «الفريسيون من اليهود لا يرون للإنسان إرادة ، ولا اختيارا ، ولا تأثيرا ، ولا جزءا كسبيا ، ولذا لا يرونه جديرا بالمدح والثناء ، لأن فعل الله فعل بيده» (٢).
الحكّام ومقولة الجبر :
وقد راقت مقولة الجبر الإلهي هذه للحكام والمتسلطين ، فسعوا إلى نشرها ، وحمل الناس عليها ، لأن هذه العقيدة تجعل الناس يستكينون لحكمهم ، ويخضعون لسلطانهم ، مهما صدر منهم من ظلم وعسف ، وبه
__________________
(١) الآية ٣٥ من سورة النحل.
(٢) هل نحن مسيرون أم مخيرون للزعبي ص ٢٦.