وقد صرح الأشعري بذلك ، حين أعلن توبته عن مذهب الإعتزال والتزام خط أهل السنة ، التي هي عقائد أهل الحديث ، مع شيء من التلطيف والتخفيف ، والعدول عن التصريح إلى التلويح ، فقد قال إنه تاب عن قوله : «إن أفعال الشر أنا أفعلها» (١).
فهذا يشير إلى أنه أصبح يرى أن الله هو الذي يفعل أفعال الشر.
وصرحوا أيضا : بأنه «لا خالق إلا الله ، وأن سيئات العباد يخلقها الله» (٢). فإذا كان القدر حاكما على تلك الأفعال ، التي هي في الحقيقة أفعال الله ، لأنه هو خالقها ، فالقدر حاكم على الله مباشرة ، وقد سلبه الإختيار ، ولم يعد قادرا إلا على فعل ما جرى به القدر ، على قاعدة : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) (٣).
قال ابن الحجاج :
المجبرون يجادلون بباطل |
|
وخلاف ما يجدونه في القرآن |
كل مقالته الإله أضلني |
|
وأراد بي ما كان عنه نهاني |
أيقول ربك للخلائق آمنوا |
|
جهرا ويجبرهم على العصيان |
إن صح ذا فتعوذوا من ربكم |
|
وذروا تعوذكم من الشيطان (٤) |
__________________
(١) الفهرست لابن النديم ص ٢٣١ ووفيات الأعيان لابن خلكان ج ٣ ص ٢٨٥ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢٤ ص ١٥٥ والوافي بالوفيات ج ٢٠ ص ١٣٧.
(٢) مقالات الإسلاميين ج ١ ص ٣٢١ والإلهيات للسبحاني ص ٦٠٨.
(٣) الآية ٦٤ من سورة المائدة.
(٤) راجع : الطرائف لابن طاووس ص ٣٢٠.