وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (١).
ولعل رؤيتهم هزيمة كسرى ، ووقوفهم على مدى ما تعانيه مملكة فارس من مشكلات ، ومن انقسامات تقطع أوصالها ، جعلهم لا يهتمون بمعرفة مصيرها ، فإن شواهده لائحة ، ودلائله واضحة ، ولأجل ذلك اقتصر سؤالهم على هرقل ، وأهملوا ذكر كسرى ..
السؤال عن الأشخاص :
ويلاحظ هنا : أنهم سألوا النبي «صلىاللهعليهوآله» عن مصير هرقل ، لا عن مصير مملكة الروم ، لأنهم اعتادوا أن يكون الملك للشخص ، وأن يردوا كل شيء مسخرا لخدمته ، وأغراضه ، وتلبية رغباته والإستجابة لشهواته ، والإنسياق مع أهوائه ؛ فالحكم والحكومة والمال والرجال ، والعساكر ، والبلاد والعباد ، ليس بذي قيمة ، ولا يشعر أحد بوجود أي شيء من ذلك إلا بمقدار ما يؤدّيه من خدمات في هذا الإتجاه .. ولأجل ذلك لم يسألوا عن مصير مملكة الروم أو مملكة فارس ، بل سألوا عن مصير شخص هرقل.
ولكن الإسلام يعلّم أتباعه : أن يعتبروا أن الإرتباط أولا وبالذات يكون بالله ، ثم بالنهج والدين والحق ، وبالرسول والإمام من حيث إنه باب الله الذي منه يؤتى ، وأنه نهجه القويم ، وصراطه المستقيم ، وأنه مصباح هدى ، وسفينة نجاة ..
__________________
(١) الآيات ١ إلى ٣ من سورة الروم.