الإنقياد والقبول منهم بأن يكونوا في موقع العبودية للعباد من جهة أخرى ، مع إسباغهم صفات الألوهية على أولئك العباد ، بادعاء وجود شبهة لديهم في ذلك ، ناشئة عن ولادة عيسى من دون أب ، أو نحو ذلك مما لم يعد له مجال بعد ظهور الحقيقة بالأدلة القاطعة ، وبالمعجزات الظاهرة ، فلا مبرر للإصرار على ذلك إلا الإستكبار عن الإنقياد للحق ..
فجاء جعل الجزية التي لابد ان يعطوها عن يد وهم صاغرون ، ليكون بمثابة علاج روحي من شأنه أن يطامن نفوسهم ، ويدفعهم لمراجعة حساباتهم ، ليجدوا أنهم لا يربحون من هذا الإستعلاء والإستكبار ، وبذلك يعيد إليهم قدرا من التوازن في نظرتهم إلى القضايا ..
مع ملاحظة : أنه لم يظهر إصرارا على تكذيبهم في دعواهم بقاء الشبهة ، رفقا منه بهم ، وإفساحا للمجال للتروي والتأمل .. بالإضافة إلى مصالح أخرى ربما ترتبط بالسياسة العامة للناس في مجال العلاقة بهم ، والتعامل معهم في الشأن العقيدي.
حوار مكذوب :
ثم إن أساس الخلاف بين نصارى نجران وبين النبي «صلىاللهعليهوآله» هو أنهم يعبدون عباد الله ، ولا يعبدون الله ، ولأجل ذلك دعاهم إلى المباهلة ، وذلك يدل على عدم صحة ما رووه عن ابن عباس قال : اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فتنازعوا عنده ، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم الا يهوديا ، وقالت النصارى : ما كان إلا نصرانيا.
فأنزل الله عزوجل : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ