إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. لا يمكن قبوله ، إذ لماذا لم يستكبر عن السعي من اليمامة (وهي بين مكة واليمن) إلى المدينة ، ثم يستكبر عن هذه الخطوات اليسيرة من موضع نزوله في المدينة إلى مسجدها؟!
النبي صلىاللهعليهوآله يفضح نوايا مسيلمة :
والذي نظنه هو أنه تخلف في بادئ الأمر عن الذهاب معهم إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» لكي يتحاشى أن يكشف النبي «صلىاللهعليهوآله» أمره ، بما أعطاه الله من علم الغيب ، لكي يتمكن بعد ذلك من أن يتدبر الأمر مع الرحال الحنفي ، ليشهد له زورا أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أشركه معه في النبوة (١).
من أجل ذلك نقول :
إنه «صلىاللهعليهوآله» قد ضيع الفرصة على مسيلمة ، حيث إنه حينما أخبروه بأن أحدهم قد بقي في الرحال أمر له من العطاء بمثل ما أمر لهم .. وقال : «أما إنه ليس بشركم مكانا».
أي أن وجوده في الرحال لا يجعله في موضع يوجب حرمانه من العطاء ، ليكون وجودهم مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» امتيازا لهم يخولهم أخذ العطاء دونه ، فإن استحقاق العطاء وعدمه له موازين أخرى غير هذا ، إذ هو يرتبط بالمعطي الذي يريد أن يعم عدله وفضله الجميع ، ويريد أيضا أن يشجع الناس على الثبات على طريق الحق ، ونبذ كل ما هو
__________________
(١) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ١٥٥.