لمحات أخرى على ما جرى في العقبة :
وقد ذكرت بعض الروايات : أن المنافقين كانوا قد دبروا لقتل علي «عليه السلام» في تبوك كما دبروا لقتل النبي «صلى الله عليه وآله» في العقبة ، وذلك بأن حفروا في طريق علي «عليه السلام» في المدينة حفيرة طويلة بقدر خمسين ذراعا ، وقد عمقوها ثم غطوها بحصر ، ثم وضعوا فوقها يسيرا من التراب ، فإذا وقع فيها كبسوه بالأحجار حتى يقتلوه.
وقد أنجاه الله تعالى من كيدهم بكرامة منه ، وعرّفه أسماء تلك الجماعة التي فعلت ذلك ، وأعلنها له ، وكانوا عشرة ، كانوا قد تواطأوا مع الأربعة والعشرين ، الذين دبروا لقتل رسول الله «صلى الله عليه وآله» في العقبة.
ثم تذكر الرواية حديث العقبة ، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد نزل بإزائها ، وأخبر الناس بما جرى على علي «عليه السلام» .. ثم أمرهم بالرحيل ، وأمر مناديه فنادى : ألا لا يسبقن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أحد على العقبة ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله «صلى الله عليه وآله».
ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة ، فينظر من يمر به ، وأمره أن يتشبه بحجر ، فقال حذيفة : يا رسول الله ، إني أتبين الشر في وجوه رؤساء عسكرك ، وإني أخاف إن قعدت في أصل الجبل ، ثم جاء منهم من أخاف أن يتقدمك إلى هناك ، للتدبير عليك ، يحسّ بي ، فيكشف عني ، فيعرفني ، وموضعي من نصيحتك ، فيتهمني ويخافني فيقتلني.
إلى أن تذكر الرواية : أن حذيفة رأى الأربعة والعشرين رجلا على جمالهم ، يقول بعضهم لبعض : من رأيتموه ها هنا كائنا من كان فاقتلوه ، لئلا يخبروا محمدا بأنهم قد رأونا هنا ، فينكص محمد ، ولا يصعد هذه العقبة إلا نهارا ،