ولكن لم يلبّ النبي «صلى الله عليه وآله» طلبهم ، وبقيت الأمور غير ظاهرة حتى جاء الوحي الإلهي ، ليفضحهم ، ويكذب أحدوثتهم ..
هدم المسجد ، لماذا؟!.
ويبقى هنا سؤال : لماذا يهدم النبي «صلى الله عليه وآله» المسجد ، ويتلف بذلك جهدا بذل ، مع أنه قد كان بالإمكان أن يبقيه ليصلي به بالمؤمنين ، بعد أن يطرد أولئك المتآمرين المكّارين ، أو أن يعاقبهم بما يستحقونه ..
ونقول في الجواب :
إنّ النبي «صلى الله عليه وآله» لم يعاقب المنافقين الذين شاركوا في هذا الكيد القوي ، واكتفى بهدم مسجد الفتنة الذي أقاموه ، من أجل أن لا يبقى رمز النفاق قائما تحنّ له قلوب بعض أهل النفاق ، وقد يتشجعون لبذل مسعى آخر يستلهمون فيه نفس الفكرة ، ويطبقون نفس الأسلوب ، ويسيرون على خطى أسلافهم ..
كما أن من الممكن أن يمارسوا أسلوبا تضليليا بادعائهم أن ما اتّهموا به لم يكن حقيقيا ، وإنما هو مجرد شائعات مكذوبة ، ولربما يتمكنون من استمالة كثير من ضعفاء العقول والإيمان إلى جانبهم ، ثم يمارسون معهم أساليب الخداع ، لسوقهم إلى أجواء النفاق ..
فكان حرق المسجد وهدمه هو السبيل الأمثل لاقتلاع جرثومة الفساد ، وإفهام الناس أن لا هوادة في أمر النفاق ، ولا مهادنة للمنافقين. بل القرار حاسم ، ولا مجال لتزييف الحقائق أو تحريفها بأي وجه. وإن كل حركة باتجاه إثارة أجواء المكر والخيانة ، والتآمر معرّضة للإفتضاح ، المؤدي بهم إلى الخزي