جميعها ككومة من حبات عنب ، منظومة في عنقود أو بدونه ، إن هذه المجرات التي ربما تكون في حالة اتساع مستمر على قاعدة : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)(١). فإن الجنة إذا كانت في جهة من هذه المجرة ، أو منظومة المجرات ، فلتكن النار في الجهة الأخرى ، فإن ما يسبح في الفضاء أي جهة من جهاته توازي الجهة الأخرى ، وتقابلها تماما كما يكون الليل في جهة من الأرض السابحة في الفضاء والنهار في الجهة الأخرى.
توضيحات لا بد منها :
إن الألفاظ إنما وضعت لمعان يدركها الإنسان وهي بالدرجة الأولى المعاني المحسوسة ، بالبصر أو السمع أو اللمس .. ثم المعاني القريبة من الحس ، كالكرم ، والشجاعة ، والعدالة والغضب وغير ذلك مما يرى دلائله ، ويحس بآثاره. ثم هو يركّب من هذه وتلك معاني جديدة ، ويستفيد منها في الإنتقال إلى ما هو أدق وأغرب.
ولكن القرآن يريد أن يوصل للإنسان معاني أسمى وأعظم مما يخطر على باله ، أو يمر في خياله.
وقد احتاج إلى أن يضعها في قوالب لفظية ، كانت قد وضعت لمعان مبتذلة وعادية ، وقريبة ومحدودة ؛ فكان عليه أن يتوسل لإيصال الإنسان إلى تلك المعاني العالية بالمجازات والكنايات ، والإستعارات ، واستعمال تراكيب مختلفة ، وإشارات وتلميحات ، ومختلف أنواع الدلالات.
__________________
(١) الآية ٤٧ من سورة الذاريات.