يطلعه الله على غيبه ، ولا أوقفه على ما يكنه ضمائر عباده.
صاحب الروم .. وعظيم الروم :
وقد عرفنا فيما سبق حين الكلام حول مراسلات النبي «صلى الله عليه وآله» لملوك الأرض في سنة ست : أنه «صلى الله عليه وآله» كتب إلى ملك الروم بعنوان : «إلى عظيم الروم» وكتب إليه في تبوك بعنوان : «صاحب الروم».
ولا ندري هل هذا هو نفس الملك السابق ، أم أن ذاك قد مات أو عزل ، وحل محله ملك آخر احتاج النبي «صلى الله عليه وآله» إلى الكتابة إليه ، كما كان الحال بالنسبة للنبي «صلى الله عليه وآله» مع ملك الحبشة؟
غير أن ما رأيناه في الحالتين : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يخاطبه بصفة «ملك» ، ربما لكي لا يتوهم أحد أن ذلك يمثل إقرارا من نبي لا ينطق عن الهوى بالملك له ، ثم يشيعون : أن هذا يثبت له حقا منحه الله تعالى إياه ، ويتخذ ذلك ذريعة لخداع السذّج والبسطاء من الناس.
بين هرقل وفرعون :
ولا شك في أن رسالة النبي «صلى الله عليه وآله» إلى هرقل كانت في غاية الدقة. وهي رسالة هادئة وحازمة ، وقد راعت أهداف الإسلام ، من دون أن تعطي ذلك الطاغية أية ذريعة للتمرد ، أو اللامبالاة ، كما أنها لم تخلّ بشرط الإختيار ، والحرية لطاغية الروم ، فقد خيره بين أمور لم يذكر له الحرب ، ولا إبرام العهد ..
ولكن هرقل تخلص أولا من دحية الكلبي بكذبة كان يعرف أنها لا