والروايات متفقة على رجوعه ، وإن اختلفت في بعض الخصوصيات الأخرى ، التي يمكن حل اختلافاتها بأدنى تأمل.
وحتى لو كان قد سار الى مكة مع علي «عليه السلام» ، فإن ذلك لا يستلزم الحكم بأنه هو الذي حج بالناس ، فإنه يكون قد ذهب ليحج عن نفسه ، وتحت إمرة علي «عليه السلام» ، ولا مضايقة من أحد في ذلك.
أبو بكر لم يعزل :
وحين ضاقت الأمور على بعض المتعصبين لأبي بكر ، وجدوا أنفسهم في موقع الإنكار لأصل الواقعة ، وهذا ما فعله عباد بن سليمان ، والقوشجي ، وأضرابهما (١).
واستدل بعضهم على ذلك : بأن عزل أبي بكر عن تأدية براءة قبل الوصول إلى موضعها يلزم نسخ الفعل قبل حضور وقت العمل ، وهو غير جائز (٢).
غير أننا نقول :
أولا : إن إنكار أصل الواقعة لا يلتفت إليه ، لأنه إنكار لما هو أوضح من الشمس ، وأبين من الأمس ، كما اعترف به القاضي عبد الجبار (٣).
__________________
(١) المغني للقاضي عبد الجبار ج ٢٠ ص ٣٥٠ والبحار ج ٣٠ ص ٣١٥ و ٣١٨ وراجع : منار الهدى ص ١٨٧ عن القوشجي ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٧ ص ٢٠٠.
(٢) المغني ج ٢٠ ص ٣٥٠ والبحار ج ٣٠ ص ٣١٥ و ٣١٨.
(٣) البحار ج ٣٠ ص ٣١٥ و ٣١٨.