فعاد الغساني إلى هرقل ، فأخبره بما رأى وجرى ، فقال : «هذا الذي بشر به عيسى بن مريم ، أنه يركب البعير ، فاتبعوه ، وصدقوه».
ثم قال للرسول : أخرج إلى أخي ، فاعرض عليه ، فإنه شريكي في الملك ..
فقلت له : فما طاب نفسه عن ذهاب ملكه (١).
وليس في الرواية : أن ذلك قد حصل في تبوك ، بل فيها ما يدل على خلاف ذلك ، فإن ذكر أمير المؤمنين «عليه السلام» يدل على أن ذلك كان في المدينة ، لأنه «عليه السلام» لم يكن مع النبي «صلى الله عليه وآله» في تبوك ، لأنه خلفه في المدينة ..
ولعل الرواة قد خلطوا بين ما حصل في تبوك من مراسلات ، وبين ما حصل في المدينة قبل ذلك ، حين راسل «صلى الله عليه وآله» الملوك ومنهم قيصر الروم.
على أن لنا أن نحتمل : أن يكون النبي «صلى الله عليه وآله» قد كتب إلى ملك الروم ، ثم جاء جوابه مع دحية إلى تبوك ، ثم جاء رسوله الآخر ، وهو ذلك الرجل التنوخي إلى المدينة ، ولكن الرواة قد تعمدوا أو اجتهدوا ، فذكروا تبوك دون المدينة ..
لماذا ضمان الجنة؟! :
وقد ضمن النبي «صلى الله عليه وآله» الجنة لمن حمل رسالته إلى ملك الروم .. ولعل هذا يشير إلى أن الناس كانوا يشعرون بخطر عظيم من التوغل
__________________
(١) الخرائج والجرائح ج ١ ص ١٠٤ والبحار ج ٢٠ ص ٣٧٨ ومستدرك سفينة البحار ج ١٠ ص ٥٣٢.