في بلاد الروم ، ويرون أن من الصعب جدا وصول الرسول إلى هرقل حيا. وحتى لو وصل إليه ، فإن خطر أن يأمر ذلك الطاغية الغاضب والحانق بقتل الرسول قائم ، وجدي ، لا سيما وأن مرسل الرسالة هو قائد هذا الجيش العظيم الذي يقف على مشارف بلاده ، ويخشى أن ينقض عليها ، وينقض ملك ذلك الجبار ، وربما ينتهي الأمر بقتله ، والتعجيل بروحه إلى النار ..
فلأجل ذلك كان ثمن الدخول في هذا الخطر العظيم والجسيم هو الجنة ، إذ لا شيء سواها يمكن أن يطمع به من يعرض نفسه للقتل ..
غير أن لسائل أن يسأل هنا فيقول : إذا كان الله يطلع نبيه على الغيب فلما ذا لم يسترشد النبي «صلى الله عليه وآله» من ربه سبحانه ، ويستأذنه بإعلام هذا الرسول بنجاته من شر هرقل ، ومن شر الروم كلهم .. ويدفع بذلك الخوف عنه ، ويكون من ثم أكثر ثباتا وإقداما؟!.
ولنا أن نجيب : بأنه «صلى الله عليه وآله» لا يريد أن يعوّد أصحابه على هذه الطريقة في التعامل مع الأمور ، ومواجهة قضاياهم .. أي أنه لا يريد لهم أن يتكلوا على الغيب إلى هذا الحد ، فإن سلبيات هذه الطريقة كثيرة وخطيرة ، إذ هي تؤدي :
أولا : إلى حرمانهم من ثواب الجهاد في سبيل الله ، وقصد القربة ، وثواب الخوف والتغرب ، وحمل النفس وتوطينها على مواجهة الضرر والخطر ..
ثانيا : إن ذلك يجعلهم إتكاليين في مواجهاتهم ، ويسلب منهم روح الإبداع والخلاقية ، ويمنعهم من التدبر في الأمور ومن التدبير الصحيح والسليم ..
ثالثا : إنه إذا مست الحاجة إلى ارتكاب المخاطر حتى الاستشهاد ، وكان