قوله تعالى : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(١) ، وغيرها من الآيات ..
مع أنه يعلم ويرى : أن النبي «صلى الله عليه وآله» معهم في المسجد ، ويسمع قراءة ذي البجادين كما يسمعون ، فلو أنه كان في قراءته ما يحتاج إلى تدخل ، وتحديد لكان «صلى الله عليه وآله» بادر إلى ذلك من دون حاجة إلى تذكير عمر ..
كما أن ذا البجادين لم يسئ إلى عمر ، لكي يتخذ عمر ذلك ذريعة لتوجيه الإهانة له ..
يضاف إلى ذلك : أنه لم يظهر من فعل ذي البجادين أنه يتعمد إزعاج المسلمين بقراءته ..
فلما ذا إذن يوجه له عمر بن الخطاب هذه الكلمات اللاذعة والمهينة؟!.
لم يدع له بالشهادة! :
ولعل السبب في أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يدع بالشهادة لذي البجادين : أن الله تعالى كان قد أعلمه بأن غزوة تبوك سوف تنتهي من دون حرب ، والذي طلبه ذو البجادين ـ فيما يبدو ـ هو الشهادة في تبوك بالذات ، فإذا دعا له النبي «صلى الله عليه وآله» بالشهادة ، ثم حضر أجل ذلك الرجل ، الذي يرى أن دعاء رسول الله «صلى الله عليه وآله» مستجاب ، فسيعتقد أنه لم يكن أهلا لكرامة الله تبارك وتعالى ، ولربما يصاب باليأس
__________________
(١) الآية ٩٧ من سورة التوبة.