ثم أكد لهم ذلك بإعلانه خروجه عن دائرة الصراع ، وإيكال أمر اتخاذ القرار في حق موسى «عليه السلام» إليهم ، لأن الأمر يعنيهم ، والقضية قضيتهم ، وهو إنما كان يساعدهم على درء الخطر فقال لهم : (فَما ذا تَأْمُرُونَ)؟ (١).
وقد جاءت النتائج وفق ما خطط له قيصر ، فقد «نخروا نخرة رجل واحد ، حتى خرجوا من برانسهم ، وقالوا : تدعونا أن نذر النصرانية ، أو نكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز»؟
فلما اطمأن إلى أنه قد نال ما أراد بادر إلى استيعابهم من جديد ، فطمأنهم إلى أنه إنما أراد أن يختبرهم ، ويقف على مدى صلابتهم.
ذهاب ملك النجاشي :
قد يعترض على النصوص المتقدمة بأنها تقول : إنه «صلى الله عليه وآله» قال لرسول ملك الروم : «وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فمزقها ، والله ممزقه وممزق ملكه».
مع أن الروايات تقول : إن النجاشي أسلم على يد جعفر بن أبي طالب ، وإنه قد مات في حياة النبي «صلى الله عليه وآله». فصلى عليه النبي «صلى الله عليه وآله» ، بعد أن رفع الله له كل خفض ، وخفض له كل رفع ، حتى رأى جنازته أمامه ..
والجواب : أن هذا الذي مات اسمه أصحمة ، وليس هو المقصود بكلام رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، بل المقصود هو الذي تولى بعده ،
__________________
(١) الآية ٣٥ من سورة الشعراء.