الثاني : إرجاع أبي بكر وإرسال علي «عليه السلام» دونه ، وكان هذا بوحي من الله تعالى أيضا ..
لا ينقض العهد إلا العاقد أو رجل منه :
وقد حاول المشفقون على أبي بكر تبرير ما جرى ، فادّعوا ـ كما تقدم ـ : أن العقود والعهود لا يحلها إلا المطاع والعاقد لها ، أو رجل من أهل بيته (١).
وهذا كلام مرفوض :
أولا : إن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يرسل أبا بكر ولا عليا «عليه السلام» لحل عقد ، أو نقض عهد ، كما أوضحناه تحت عنوان : «هل نقض النبي «صلى الله عليه وآله» العهد؟».
ثانيا : لو سلمنا : أن الأمر كان كذلك ، فلما ذا أرسل أبا بكر من أول الأمر؟! فإنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن جاهلا برسوم المجتمعات في زمانه ، وبين قومه ، وبالأعراف القائمة التي يفترض فيه أن يراعيها. ولا كان هناك من هو أعرف منه بها.
ثالثا : إن دعوى أن من عادات العرب أن العهد لا ينقضه إلا العاقد أو رجل من أهل بيته ، دعوى كاذبة على أهل الجاهلية ، ولم نجد لها شاهدا ، ولا مؤيدا ولا دليلا ، إلا نفس دعواهم لها في هذا المورد.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي : ذلك غير معروف من عادة العرب ، وإنما هو تأويل تأوله المتعصبون لأبي بكر ، لانتزاع سورة براءة منه ، وليس
__________________
(١) راجع : دلائل الصدق ج ٢ ص ٢٤٥ عن فضل بن روزبهان وبقية المصادر تقدمت في بداية الحديث عن موضوع تبليغ سورة «براءة».