فلما غاب علي «عليه السلام» إلى مكة لم يجعل أحدا مكان علي «عليه السلام» ، بل كان هو نفسه «صلى الله عليه وآله» يستقبل الناس.
فأذن للناس .. فاستأذنه أبو ذر ، فأذن له. فخرج يستقبل عليا «عليه السلام» ، فلقيه ببعض الطريق ، فالتزمه وقبله ، وسبقه إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» وبشره بقدومه ، فقال النبي «صلى الله عليه وآله» لأبي ذر : «لك بذلك الجنة» (١).
ثم ركب النبي «صلى الله عليه وآله» وركب معه الناس ، فلما رآه أناخ ناقته ، ونزل رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فتلقاه ، والتزمه وعانقه ، ووضع خده على منكب علي «عليه السلام».
وبكى النبي «صلى الله عليه وآله» فرحا بقدومه. وبكى علي «عليه السلام» معه ..
ثم سأله عما صنع ، فأخبره ، فقال «صلى الله عليه وآله» : «كان الله عز وجل أعلم بك مني حين أمرني بإرسالك» (٢) ..
ونقول :
يلفت نظرنا في هذا النص أمور عديدة ، فلاحظ على سبيل المثال ما يلي :
١ ـ النظام والإنضباط :
إن هذا النظام الذي ذكرته الرواية عن استئذان الناس من رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، من شأنه أن يؤكد حالة الإنضباط في الحركة ، المفضي
__________________
(١) إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس ج ٢ ص ٤٠ والبحار ج ٣٥ ص ٢٨٩.
(٢) البحار ج ٣٥ ص ٢٨٨ ـ ٢٩٠ وإقبال الأعمال ج ٢ ص ٤٠.