وربما يكون هذا هو السبب أيضا في إعلانه «صلى الله عليه وآله» جهة السير حين خرج بجيشه من المدينة ، فإنه أراد أن لا يدخل في وهم أحد أنه «صلى الله عليه وآله» قد أخذ أعداءه على حين غرة ، وأنه لو لا ذلك فلربما كانت النتائج على عكس ما جاءت عليه .. وذلك أبعد أثرا في قطع آمال أهل النفاق ، وفي خزي أهل الشقاق ..
الإخبار بالغيب ، والمعجزات في تبوك :
ورغم أنه «صلى الله عليه وآله» كان يظهر لأصحابه المعجزات والكرامات بين الفينة والفينة ، خصوصا في ساعات العسرة ، ليكون ذلك أوقع في نفوسهم ، وليربط على قلوبهم ، وأدعى لتلمسهم مواقع الإعجاز وخصوصية الكرامة فيما يرونه ويعيشونه .. فإن ما ظهر لهم في غزوة تبوك على الخصوص كان يزيد على ما ظهر لهم في غيرها بأضعاف كثيرة ، حتى ليخيّل لقارئ نصوص هذه الغزوة : أن كل ما يجري مرتبط بالغيب ، ويراد به إظهار الكرامة والرعاية ، والتدخل الإلهي ، من دون التفات يذكر إلى الأسباب الظاهرة ..
حتى لقد أخبرهم حسبما تقدم عن الإمام الكاظم «عليه السلام» بما يجرى على أكيدر ، وبمقدار الجزية التي يضعها عليه ..
وهذا يدل على أن لتبوك خصوصية انفردت بها عما عداها .. ولعل خصوصيتها تكمن في أنها تريد أن تسدد إلى النفاق وأهله ضربة مهلكة ، فإن الحرب مع المنافقين قد بلغت الذروة وأصبحت مصيرية ، وحاسمة ..
وكان ظهور أي ضعف أو توان في هذا المجال ، من شأنه أن يعرّض