بإصبعيه حتى اجتمع منه في كفه ماء قليل ، ثم نضحه به ، ثم مسحه بيده ، ثم دعا بما شاء الله أن يدعو ، فانخرق منه الماء ـ قال معاذ بن جبل : والذي نفسي بيده لقد سمعت له من شدة انخراقه مثل الصواعق.
فشرب الناس ما شاؤوا ، واستقوا ما شاؤوا ، ثم قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» للناس : «لئن بقيتم. أو من بقي منكم» ـ لتسمعن بهذا الوادي وهو أخصب مما بين يديه ومما خلفه (١).
قال سلمة بن سلامة بن وقش : قلت لوديعة بن ثابت : ويلك أبعد ما ترى شيء؟ أما تعتبر؟
قال : قد كان يفعل بهذا مثل هذا قبل هذا.
ثم سار رسول الله «صلى الله عليه وآله» (٢).
النبي صلّى الله عليه وآله يسقي الجيش من قربة واحدة :
وعن جماعة من أهل المغازي قالوا : بينا رسول الله «صلى الله عليه وآله» يسير منحدرا إلى المدينة ، وهو في قيظ شديد ، عطش العسكر بعد المرتين الأوليين عطشا شديدا ، حتى لا يوجد للشفة ماء قليل ولا كثير ، فشكوا
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٦٤ و ٤٦٥ عن الواقدي وابن اسحاق والمغازي للواقدي ج ٣ ص ١٠٣٩ ومعجم البلدان ج ٥ ص ١٣٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٧٣ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٣ وإمتاع الأسماع ج ٥ ص ١١٣ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢٦٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٣٢.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٦٥ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٧٢ وج ٥ ص ١١٤ وراجع : البحار ج ٢١ ص ٢٥٠.