إمعانا منهم في المكر والتضليل.
إنه «صلى الله عليه وآله» بإجرائه هذا قد أفردهم عن الجيش ، ووضعهم أمام أعين رقبائه الذين رتبهم في مواضع قريبة ، ولم يعد هناك أي فرصة للإيهام نتيجة للإختلاط بالآخرين ، فإن الشبهة ممنوعة.
يضاف إلى ذلك : أن هذا الإجراء نفسه سوف يوقع الكثيرين في الحيرة ، ويدعوهم للتساؤل عن سببه ، فإذا تبين لهم الحق بعد ذلك ، فستجدهم مسارعين لقبوله ، وسوف لن يثور أي جدل حول صحته وواقعيته ، وسوف توصد الأبواب أمام الشائعات ، والتكهنات ، والتشكيكات ، بل تبقى الحقيقة بكل حيويتها ، ووضوحها ، وسيعرفها الناس ، وسينقلونها للأجيال اللاحقة ، وهي على ما هي عليه من الصفاء والنقاء ، والإشراق والبهاء ، وسيترك هذا الحدث أثره في العقل والقلب والوجدان ، لأنه اقترن بمعجزة نبوية ، وتسديد رباني ، كان هو السبب في إبطال كيدهم ، وافتضاح أمرهم.
التخفي بصورة حجر :
ويلاحظ هنا أيضا : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة ، وأن يتشبه بحجر ، أي أنه يريد منه أن ينطوي على نفسه بطريقة تظهر للناظر أنه يرى حجرا ، ولا يرى إنسانا.
وذلك لأن الوقت كان ليلا ، وكان المطلوب منه هو أن يتعرف على أشخاص المتآمرين ، ولا يتيسر له ذلك في الليل إلا إذا كان قريبا جدا من الهدف حتى لو كان نور القمر موجودا ، ولو في بعض درجاته .. وقد كان «صلى الله عليه وآله» يعرف كما كان حذيفة يعرف أيضا : أن هؤلاء المجرمين