لعل هذه أمارات شرعية؟!
إن ما ذكر عن النبي «صلى الله عليه وآله» من أن المولود الذي سيأتي إن كان فيه صفات كذا فهو لفلان ، وإن لم تكن فيه تلك الصفات فهو لغيره ، لا يمكن القبول بنسبته إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» .. فإن ذلك لم يجعل من أمارات النسب ، ولأجل ذلك نقول :
أولا : إنه إن كان قوله هذا أمارة معتبرة شرعا ، فلا حاجة إلى الملاعنة ، بل كان يجب أن ينتظر بالمرأة حتى تضع حملها فينظر إلى صفات الولد ، ليحكم عليها بالزنا أو بعدمه ..
وإن كان ذلك لا يثبت شيئا ، فإنه يدخل في سياق قذف تلك المرأة من دون حجة ظاهرة ، وهذا لا يصدر عن نبي الرحمة ، المعصوم ، والداعي إلى الستر على الناس.
ويزيد الأمر إشكالا : أن بعض الروايات قد بينت أن ذلك أدى إلى تكريس اتهام تلك المرأة بالزنا ونفي الولد عن أبيه بين الناس ، مع أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أورد ذلك على سبيل الظن والإحتمال ، ففيها : أنه «صلى الله عليه وآله» قال : انظروا ، فإن جاءت به أسحم ، أدعج العينين ، عظيم الإليتين ، خدلّج الساقين ، فلا أحسب عويمرا إلا صدق عليها.
وإن جاءت به أحيمر ، كأنه وجرة ، فلا أحسب عويمرا إلا كذب عليها.
فجاءت به على النعت الذي نعته «صلى الله عليه وآله» من تصديق عويمر. فكان بعد ذلك ينسب إلى أمه (١).
__________________
(١) راجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٣٤ وراجع : كتاب الأم للشافعي ج ٥ ص ١٣٤