قبّحت له هذا الفعل ، وقيل : هو وحي إلهي ، وقيل : حفظ إلهي ، وقيل : مشاهدات تمثلت له.
والإشارة في قوله : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) إلى شيء مفهوم مما قبله بتضمنه قوله : (رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) ، وهو رأي البرهان ، أي أريناه كذلك الرأي لنصرف عنه السوء.
والصرف : نقل الشيء من مكان إلى مكان ، وهو هنا مجاز عن الحفظ من حلول الشيء بالمحل الذي من شأنه أن يحل فيه. عبر به عن العصمة من شيء يوشك أن يلابس شيئا. والتعبير عن العصمة بالصرف يشير إلى أن أسباب حصول السوء والفحشاء موجودة ولكن الله صرفهما عنه.
والسوء : القبيح ، وهو خيانة من ائتمنه. والفحشاء : المعصية ، وهي الزنى. وتقدم السوء والفحشاء عند قوله تعالى : (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ) في سورة البقرة [١٦٩]. ومعنى صرفهما عنه صرف ملابسته إياهما.
وجملة (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) تعليل لحكمة صرفه عن السوء والفحشاء الصرف الخارق للعادة لئلا ينتقص اصطفاء الله إياه في هذه الشدة على النفس.
قرأ نافع ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو جعفر ، وخلف (الْمُخْلَصِينَ) ـ بفتح اللام ـ أي الذين أخلصهم الله واصطفاهم. وقرأه ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، ويعقوب ـ بكسر اللام ـ على معنى المخلصين دينهم لله. ومعنى التعليل على القراءتين واحد.
والاستباق : افتعال من السبق. وتقدم آنفا ، وهو هنا إشارة إلى تكلفهما السبق ، أي أن كل واحد منهما يحاول أن يكون هو السابق إلى الباب.
وانتصب (الْبابَ) على نزع الخافض. وأصله : واستبقا إلى الباب ، مثل (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) [سورة الأعراف : ١٥٥] ، أي من قومه ، أو على تضمين (اسْتَبَقَا) معنى ابتدرا.
والتعريف في (الباب) تعريف الجنس إذ كانت عدة أبواب مغلقة. وذلك أن يوسف ـ عليهالسلام ـ فرّ من مراودتها إلى الباب يريد فتحه والخروج وهي تريد أن تسبقه إلى الباب لتمنعه من فتحه.