معاني النافع الذي لا يشق على صاحبه ، أي الملائم.
والعسرى : إما الحالة وهي حالة العسر والشدة ، أي العذاب ، وإما مكانته وهي جهنّم ، لأنها مكان العسر والشدائد على أهلها قال تعالى : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) [المدثر : ٩ ، ١٠] ، فمعنى : «نيسره» ندرّجه في عملي السعادة والشقاوة وبه فسر ابن عطية ، فالأعمال اليسرى هي الصالحة ، وصفت باليسرى باعتبار عاقبتها لصاحبها ، وتكون العسرى الأعمال السيئة باعتبار عاقبتها على صاحبها فتأنيثهما باعتبار أن كلتيهما صفة طائفة من الأعمال.
وحرف التنفيس على هذا التفسير يكون مرادا منه الاستمرار من الآن إلى آخر الحياة كقوله تعالى : (قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) [يوسف : ٩٨].
وحرف (ال) في «اليسرى» وفي «العسرى» لتعريف الجنس أو للعهد على اختلاف المعاني.
وإذ قد جاء ترتيب النظم في هذه الآية على عكس المتبادر إذ جعل ضمير الغيبة في نيسره لليسرى» العائد إلى (مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) هو الميسر ، وجعل ضمير الغيبة في «نيسره للعسرى» العائد إلى (مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) هو الميسر ، أي الذي صار الفعل صعب الحصول حاصلا له ، وإذ وقع المجروران باللام «اليسرى» و «العسرى» ، وهما لا ينتفعان بسهولة من أعلى أو من بخل ، تعين تأويل نظم الآية بإحدى طريقتين :
الأولى : إيفاء فعل «نيسر» على حقيقته وجعل الكلام جاريا على خلاف مقتضى الظاهر بطريق القلب بأن يكون أصل الكلام : فسنيسر اليسرى له وسنيسر العسرى له ولا بد من مقتض للقلب ، فيصار إلى أن المقتضي إفادة المبالغة في هذا التيسير حتى جعل الميسّر ميسرا له والميسر له ميسرا على نحو ما وجهوا به قول العرب : عرضت الناقة على الحوض.
والثانية : أن يكون التيسير مستعملا مجازا مرسلا في التهيئة والإعداد بعلاقة اللزوم بين إعداد الشيء للشيء وتيسره له ، وتكون اللام من قوله : (لِلْيُسْرى) و (لِلْعُسْرى) لام التعليل ، أي نيسره لأجل اليسرى أو لأجل العسرى ، فالمراد باليسرى الجنة وبالعسرى جهنم ، على أن يكون الوصفان صارا علما بالغلبة على الجنة وعلى النار ، والتهيئة لا تكون لذات الجنة وذات النار فتعين تقدير مضاف بعد اللام يناسب التيسير فيقدر لدخول اليسرى