لهب قالت للنبي صلىاللهعليهوسلم : إن الناس يصيحون بي ويقولون إني ابنة حطب النار» الحديث.
وقرأ الجمهور لفظ (لَهَبٍ) بفتح الهاء ، وقرأه ابن كثير بسكون الهاء وهو لغة لأنهم كثيرا ما يسكنون عين الكلمة المتحركة مع الفاء ، وقد يكون ذلك لأن (لَهَبٍ) صار جزء علم والعرب قد يغيرون بعض حركات الاسم إذا نقلوه إلى العلمية كما قالوا : شمس بضم الشين ، لشمس بن مالك الشاعر الذي ذكره تأبط شرا في قوله :
إنّي لمهد من ثنائي فقاصد |
|
به لابن عمّ الصدق شمس بن مالك |
قال أبو الفتح بن جنّيّ في كتاب «إعراب الحماسة» : «يجوز أن يكون ضم الشين على وجه تغيير الأعلام نحو معد يكرب. وتهلك وموهب وغير ذلك مما غيّر عن حال نظائره لأجل العلمية الحادثة فيه ا ه.
وكما قالوا : أبو سلمى بضم السين كنية والد زهير بن أبي سلمى لأنهم نقلوا اسم سلمى بفتح السين من أسماء النساء إلى جعله اسم رجل يكنى به لأنهم لا يكنون بأسماء النساء غالبا. ولذلك لم يسكن ابن كثير الهاء من قوله تعالى : (ذاتَ لَهَبٍ) وقراءة ابن كثير قراءة أهل مكة فلعل أهل مكة اشتهرت بينهم كنية أبي لهب بسكون الهاء تحقيقا لكثرة دورانها على الألسنة في زمانه.
وجملة : (وَتَبَ) إما معطوفة على جملة : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) عطف الدعاء على الدعاء إذا كان إسناد التبات إلى اليدين لأنهما آلة الأذى بالرمي بالحجارة كما في خبر طارق المحاربي ، فأعيد الدعاء على جميعه إغلاظا له في الشتم والتقريع ، وتفيد بذلك تأكيدا لجملة : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) لأنها بمعناها ، وإنما اختلفتا بالكلية والجزئية ، وذلك الاختلاف هو مقتضي عطفها ، وإلا لكان التوكيد غير معطوف لأن التوكيد اللفظي لا يعطف بالواو كما تقدم في سورة الكافرون.
وإمّا أن تكون في موضع الحال ، والواو واو الحال ولا تكون دعاء إنما هي تحقيق لحصول ما دعي عليه به كقول النابغة :
جزى ربّه عني عديّ بن حاتم |
|
جزاء الكلاب العاويات وقد فعل |
فيكون الكلام قبله مستعملا في الذم والشماتة به أو لطلب الازدياد ، ويؤيد هذا الوجه قراءة عبد الله بن مسعود «وقد تب» فيتمحض الكلام قبله لمعنى الذم والتحقير دون