الإرادة التشريعية : هي الإرادة التي تعني أوامر الله تعالى ودستوراته من الواجبات والمحرمات الواردة في الشريعة المقدّسة ، والآية ١٨٥ من سورة البقرة هي أحد الآيات التي وردت فيها الإرادة الإلهية بمعناها التشريعي حيث ذكر الله تعالى في هذه الآية الشريفة بعد بيان وجوب صوم شهر رمضان المبارك واستثناء هذا الحكم بالنسبة إلى المسافر والمريض يقول :
(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)
فالمقصود من الإرادة الإلهية هنا هي الإرادة التشريعية ، أي أن أحكام الله تعالى في شهر رمضان سهلة ويسيرة للإنسان المؤمن بل إن جميع أحكام الإسلام هي كذلك ، ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
«بُعِثْتُ إلَيْكُمْ بِالْحَنَفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ». (١)
«الإرادة التكوينية» هي الإرادة التي تستخدم في مقام الخلق والتكوين فقد أراد الله تعالى خلق العالم وخلق سائر الكائنات والمخلوقات.
وكمثال على هذه الإرادة الإلهية ما ورد في الآية ٨٢ من سورة يس حيث يقول تبارك وتعالى في هذه الآية :
(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
فالمقصود من هذه الإرادة في الآية الشريفة هي الإرادة التكوينية ، وفي الحقيقة أن قدرة الله تعالى على هذا الكون وسلطته على الكائنات إلى درجة من الشدّة والاستحكام بحيث إنه إذا أراد أن يخلق مثل هذا العالم الذي نعيش فيه فيكفي أن يصدر أمره بذلك ، وطبقاً للأقوال العلماء أن الشمس أكبر من الأرض بمليون ومائتين ألف مرّة ويحتوي على مائة ميليارد نجم في المنظومة الشمسية في مجرتنا لوحدها وحجم كلُّ واحد منهما بحجم الشمس بالمقدار المتوسط ، فلو أراد الله أن يخلق مثل هذا العالم لكفى أن يأمر ويقول : كن فيكون «الْعَظَمَةُ للهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ».
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٦٥ ، ص ٣٤٦.