ولذلك فانّ الله سبحانه وتعالى قد وعد نبيّه الكريم صلىاللهعليهوآله بأن يحفظه من هذه الأخطار المحتملة.
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) فعلى الرغم من أنّ الله تعالى يمنّ على جميع الناس بالهداية إلى الحق إلّا أنّ الأشخاص الذين يصرّون العناد والإصرار على عقائدهم الزائفة وأفكارهم الباطلة لا يستحقون الهداية وسوف لا ينالون نعمة الهداية من الله تعالى.
ومع قليل من التدبر في مضمون وأجواء الآية محل البحث تتجلى هذه الحقيقة المهمة ، وهي أنّ الآية الشريفة تتحرك نحو الإخبار عن موضوع مهم جدّاً ، لأنّها تتضمّن في سياقها تأكيدات كثيرة لم يسبق لها مثيل :
١ ـ تبدأ الآية الشريفة بخطاب (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) وكما تقدم أنّ هذا الخطاب يدل على الأهمّية الفائقة لمضمون هذا النص الشريف بحيث استلزم أن يقع الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله مورداً للخطاب الإلهي مباشرة.
٢ ـ كلمة «بَلّغْ» إشارة اخرى إلى خصوصية المضمون الذي تحمله الآية الشريفة لأنه :
أوّلاً : أنّ هذه الكلمة لم ترد في القرآن الكريم سوى في هذه الآية الشريفة.
ثانياً : كما يقول الراغب في كتابه «مفردات القرآن» إنّ هذه الكلمة في الواقع فيها تأكيد أشدّ من كلمة «أَبْلِغْ» لأنّه بالرغم من أنّ هذه الكلمة أيضاً لم ترد إلّا مرّة واحدة في القرآن الكريم (١) ، إلّا أنّ كلمة «بَلّغْ» مضافاً إلى مفهوم التوكيد فيها تتضمّن التكرار أيضاً ، أي أنّ هذا الموضوع إلى درجة من الأهمّية بحيث يجب إبلاغه إلى الناس دفعات وبصورة مكررة (٢).
ثالثاً : جملة (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) شاهد ثالث على الخصوصية المهمّة في هذه الآية ، فانّ النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله يُؤمر في هذه الآية بإبلاغ رسالة خاصة تمثّل أساس ومحور الرسالة والنبوّة ، لأنّه لو لم يبلّغ النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هذه الرسالة الخاصة فكأنّما لم يبلّغ الرسالة كلّها.
__________________
(١) سورة التوبة : الآية ٦.
(٢) وهكذا عمل النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، حيث ذكر موضوع خلافة علي عليهالسلام على الناس مراراً من الأيّام الاولى لظهور الإسلام وحتى وفاته.