عند ما يقرأ هذا الحديث الطويل والجذّاب ويتفكر قليلاً في مضامينه السامية ومعانيه الراقية يمتلكه العجب والحيرة من تلكم التفاسير الجوفاء والبعيدة عن روح الآية الشريفة وأجواءها.
وهنا ننقل ما أورده الفخر الرازي في تفسيره من الحديث النبوي حيث يقول :
«نَقَلَ صاحِبُ الكَشّافِ (١) عَنِ النَّبِيِّ الأكرم صلىاللهعليهوآله قوله (ثمّ يورد اثني عشر فقرة جذّابة وعميقة المضامين في هذا الحديث الشريف).
١ ـ مَنْ ماتَ عَلى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ ماتَ شَهيداً.
فهل أن مثل هذه المحبّة هي محبّة عادية وطبيعية وفارغة من الولاية والإمامة؟
إذا كانت كذلك فهل يعقل أن يكون هذا المحبّ في صفوف الشهداء؟
أو أن المراد من هذه المحبّة هي الحالة التي تدفع الإنسان في مدارج الكمال والمعنويات إلى أن يصل إلى مرتبة الشهداء ، وهي المحبّة المشروطة بالولاية والإمامة؟
٢ ـ وَمَنْ ماتَ عَلى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ ماتَ مَغْفُوراً لَهُ.
ما هي هذه المحبّة التي تعمل على تطهير الإنسان من الذنوب والآثام بحيث أنه عند ما يحين أجله فإنه سيموت طاهراً من كلِّ ذنب وستغفر له جميع الذنوب والمعاصي؟ هل أن مثل هذه المحبّة والمودّة هي محبّة اعتيادية؟
٣ ـ ومَنْ ماتَ عَلى حُبِّ آلِ مُحَمّدٍ ماتَ تائِباً.
أي أن هذه المحبّة تقع بديلاً للتوبة ، فلو أن الإنسان لم يوفق للتوبة من الذنوب في هذه الدنيا وكان محبّاً لأهل البيت فإنه يموت كما يموت التائب من الذنوب ، فما هي حقيقة هذه المحبّة؟
٤ ـ وَمَنْ ماتَ عَلى حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ ماتَ مُؤْمِناً مُسْتَكْمِلَ الْإيمانِ
فهل يعقل أن يرتبط الإنسان بأهل البيت عليهمالسلام برابطة اعتيادية وطبيعية ثمّ يفضي ذلك إلى كمال الإيمان؟
من المسلّم وجود مضمون عميق في هذه الكلمات بحيث يؤدي بالإنسان إلى الترقّي
__________________
(١) جاءت هذه الرواية في تفسير الكشّاف : ج ٤ ، ص ٢٢٠ و ٢٢١.