والجدير بالذكر أن رائحة الجنّة كما ورد في بعض الروايات تصل إلى مسافة ألف عام (١).
وطبقاً لهذه الرواية الشريفة فإنّ معنى العبارة أعلاه أن الشخص الذي يعيش حالة البغض لآل محمّد ليس فقط أنه يكون محروماً من دخول الجنّة ، بل سوف يبتعد عنها بمسافة ٥٠٠ عام بحيث لا يتمكن من شم رائحتها ، والخلاصة أن مثل هذا الشخص بعيد عن الجنّة جداً.
كيف يستطيع الإنسان أن يصدّق بأن عالماً كبيراً مثل الفخر الرازي يروي هذه الرواية الجميلة والعميقة المضمون والمحتوى وبكلّ هذه المعطيات المهمة والآثار الجليلة ثمّ يفسّر المحبّة والمودّة ومن دون التدبّر في هذه المضامين بالمحبّة الظاهرية والعاطفة الطبيعية؟ والأعجب من ذلك أنه بعد أن نقل الرواية المذكورة آنفاً شرع بتوضيح المراد من آل محمّد عليهمالسلام الذين هم محور هذه الرواية فقال :
«هذا هو الذي رواه صاحب الكشاف وأنا أقول : آل محمّد صلىاللهعليهوسلم هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل ، ولا شك أن فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم أشدّ التعلقات وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر» (٢).
من الملفت للنظر هو أن هذه العبارات ذكرها عالم سنّي متعصب ، والمفهوم من هذه الكلمات هو أقرب ما يكون إلى ما يقوله الشيعة بحيث إنني عند ما كنت أقرأ هذه الكلمات شككت في لحظة أن هذا الكتاب الذي أقرأه هل هو من تفاسير السنّة أو الشيعة؟ فلعلني أقرأ تفسيراً لأحد علماء الشيعة ، ولكن عند ما نظرت إلى الغلاف انتبهت إلى أنني أقرأ تفسير الفخر الرازي.
سؤال : نظراً لما ورد في متن آية المودّة وكذلك ما ورد في الآيات الاخرى المرتبطة بها
__________________
(١) ميزان الحكمة : الباب ٥٥٣ ، ح ٢٥٨٥. يقول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله في هذا لرواية : «أخبرني جبرئيل أن ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام ، ما يجدها عاق ، ولا قاطع رحم ، ولا شيخ زانٍ ...».
(٢) تفسير الفخر الرازي : ج ٢٧ ، ص ١٦٥ و ١٦٦. وأصل الرواية في تفسير القرطبي : ج ٨ ، ص ٥٨٤٣ وكذلك نقلت في تفسير الثعلبي ، ذيل الآية محل البحث.