واسلوب تعامله وتفاعله مع الأحداث والأشخاص والأقوام من الداخل والخارج ، وأخيراً إرشاداته وتعليماته الإنسانية كلُّها يمكن أن تكون اسوة وقدوة لجميع المسلمين في حركتهم الدنيوية وسلوكهم المعنوي في خطّ التكامل الأخلاقي والإلهي.
ونحن الذين ندّعي الولاية لهذا الإمام العظيم وندّعي أننا من أتباعه فما هو مقدار الفاصلة بين حياتنا وتعاملنا وأفكارنا مع حياة ذلك الإمام وأفكاره وأخلاقه؟ لنرى طعام الإمام علي عليهالسلام كم كان زهيداً وبسيطاً ، ولباسه في أوج اقتداره وحكومته كم كان رخيصاً وساذجاً ، فهل أن زخارف الدنيا وتجملاتها استطاعت أن تقيّد الإمام علي عليهالسلام وهو في أعلى مواقع القدرة بحبائلها وأن تؤسره بأسلاكها ، بل نقرأ في التواريخ أن تشييع الإمام ومراسم تكفينه ودفنه كانت بسيطة للغاية ، ولكن مع الأسف أنّ بعض من يدّعي أنه شيعة علي عليهالسلام يعيش في عالم الزخارف الدنيوية البرّاقة وقد أصبح أسيراً لاحابيلها الموهومة ، بل إنّ المراسم التي تجرى لهم بعد وفاتهم من بذل الطعام ومجالس الفاتحة والعزاء مليئة بالمظاهر البرّاقة ومشحونة بعناصر الهوى والفخفخة بحيث لا نجد شبهاً بينها وبين مجالس العزاء الحقيقية بل قد تنفق في هذه المجالس ملايين الدنانير من دون أن تكون الدوافع سليمة والغايات إلهية.
وقد سمعت قبل مدّة خبراً قد يكون مفرحاً من جهة ومثيراً للقلق من جهة اخرى ، وهو :
«مات أحد الأشخاص فقرر أولياء الميت وأبناؤه أن ينفقوا مصارف مجلس العزاء ومراسم الفاتحة على الامور الخيرية ، فجلسوا لمحاسبة نفقات مجلس العزاء هذا فتبيّن أنه قد يصل إلى خمسة ملايين تومان ، فقرّر هؤلاء الأبناء أن ينفقوا هذا المبلغ على البنات من العوائل الفقيرة لكي يؤمّنوا لهم جهاز العرس وأثاث البيت الزوجي بدلاً من صرفه على مجلس العزاء والفاتحة ، فكان هذا المبلغ يكفي لتجهيز عشرة بنات ، أي يكفي لتكوين عشر عوائل جديدة ومحتاجة».
هذا الخبر هو مقلق ومثير للتشويش من جهة المبالغ الطائلة التي تصرف على مجالس العزاء هذه ، ومن جهة اخرى مفرح ومثير للارتياح والانبساط بأن يقوم أولياء الميت وورثته بخطوة مهمة مستوحاة من العقل والوجدان ويقرّروا إنفاق ذلك المبلغ الكبير على امور خيرية وإنسانية.