ما المانع من أن يقوم المسلم بإنفاق مثل هذه المبالغ الكبيرة على امور إنسانية وموارد خيرية بدلاً من بذلها لمظاهر خاوية وتشريفات زائفة؟
عزيزي القارئ : إنّ توفير مقدّمات الزواج للشباب المحتاجين ليست وظيفة وتكليف الوالدين فقط بل هو تكليف عام لجميع المسلمين كما تقول الآية الشريفة :
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ)(١)
فهذه الوظيفة في الحقيقة تتعلق بجميع أفراد المجتمع ، ولا يقتصر الحال على مسألة الزواج بل سائر المشكلات والمعضلات التي تواجه الشباب والفتيات في مجتمعاتنا الإسلامية حيث ينبغي أن نمدّ لهم يد العون ونسعى في حلّ مشاكلهم والتخفيف من آلامهم وهمومهم في حركة الحياة من قبيل مشكلة «العطالة» التي تمثل العامل المهم لكثير من المفاسد الاجتماعية ، وكذلك مشكلة «المسكن» ومشكلة «التحصيل الدراسي» وأمثال ذلك.
ينبغي علينا وبالإلهام من سيرة أمير المؤمنين عليهالسلام أن نتحرر من قيود وأسر التشريفات والظواهر البرّاقة والابتعاد عن منزلقات الزخارف الدنيوية ونعيش البساطة والطهارة والنقاء في الحياة الفردية والاجتماعية بل يجب على الحكومة الإسلامية مضافاً إلى توفير المناخ المناسب لمثل هذه السلوكيات والقيم الأخلاقية والثقافية لجميع أفراد المجتمع أن يقوم المسئولون أنفسهم بالعمل بهذا المبدأ المقدّس لكي يمكنهم في حال إصلاح هذه الأزمة الاجتماعية والإدارية ، إصلاح قسم مهم من الفساد الاقتصادي والتخلف الاجتماعي الذي تعاني منه البلدان الإسلامية وبالتالي يتسنّى للمسلمين التخلص من التبعية للأجنبي والاستعمار الذي لا يفكر إلّا في مصالحه الشخصية ومنافعه المادية ، ونستطيع إن شاء الله ببركة ذلك الإمام الهمام أن نحفظ عزّة وكرامة الامّة الإسلامية ونحلّ مشكلاتها.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاستماع قول الحقّ ويرزقنا اذناً واعية لفهم هذه التعليمات المهمة الواردة في دائرة المفاهيم القرآنية ثمّ يوفقنا لتجسيد هذه المفاهيم على مستوى العمل والتطبيق والاستفادة من ثمراتها الكثيرة وبركاتها العميمة إنه أرحم الراحمين ... آمين يا ربّ العالمين.
__________________
(١) سورة النور : الآية ٣٢.