المخاطب وبيان عظمته ، وفي الآية مورد البحث قد ورد مثل هذا الاستعمال في سياقها والقرينة على مجازية هذا الاستعمال الوارد في الآية هو أن أيّ واحد من العلماء حتّى المتعصبين من أهل السنّة لا يرون غير الإمام علي عليهالسلام مصداقاً لها والذي تصدّق بخاتمه في حال الركوع ، وهذا هو أفضل قرينة على استعمال لفظ الجمع في مورد المفرد.
ثانياً : هناك موارد كثيرة وردت في القرآن الكريم واستعملت فيها صيغة الجمع للمفرد ، وكمثال على ذلك نكتفي بذكر سبعة موارد منها :
١ ـ نقرأ في الآية ٢١٥ من سورة البقرة قوله تعالى :
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)
ففي هذه الآية الشريفة وردت جملة «يسألونك ، ينفقون ، انفقتم وما تفعلوا» بصورة الجمع ، وفي البداية يظهر من الآية أن جماعة من المسلمين طرحوا السؤال المذكور ولكن طبقاً لشأن نزول الآية فلم يكن السائل سوى شخص واحد واسمه «عمرو بن جموح» (١) الذي كان رجلاً ثرياً ، وعليه ففي هذه الآية الشريفة ورد لفظ الجمع واستعمل في المفرد إما على أساس بيان عظمة هذا العمل وهو الانفاق أو بيان الاحترام للسائل وهو عمرو بن جموح.
ملاحظة : إنّ الموضوع الملفت للنظر في هذه الآية الشريفة هو أن الله تعالى في مقام جوابه على سؤال عمرو بن جموح ذكر مطلباً آخر لأن عمرو سأل عن نوع المال الذي يجب انفاقه ، والله تعالى تحدّث عن الأشخاص الذين يجب الإنفاق عليهم ، فعليه فمثل هذا الجواب يبين أهمية مصرف الإنفاق وأن الإنسان يجب أن يهتم بالدرجة الاولى بأبيه وامّه وأقربائه ثمّ يتوجّه إلى الآخرين في عملية الإنفاق.
٢ ـ يقول سبحان وتعالى في الآية ٢٧٤ من سورة البقرة :
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
__________________
(١) الكشّاف : ج ١ ، ص ٢٥٧.