ففي هذه الآية الشريفة نقرأ عبارات من قبيل «الّذين ، ينفقون ، أموالهم ، فلهم ، أجرهم ، ربّهم ، عليهم ، هم ، يحزنون» فكلّها جاءت بصيغة الجمع ولكنّ الكثير من المفسّرين قالوا بأن المراد منها هو الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام الذي كان ينفق بالليل والنهار وسرّاً وعلانيةً ، وطبقاً لرواية واردة في هذا المجال أن الإمام كان يمتلك أربعة دراهم فتصدّق بأحدها ليلاً وبالآخر نهاراً وبالثالث علانية وبالرابع سرّاً فنزلت الآية أعلاها لتشير إلى شأن هذا الإنفاق (١).
سؤال : هل يعقل أن تنزل آية قرآنية على بعض الأعمال الجزئية من قبيل إنفاق أربعة دراهم؟
الجواب : إنّ المهم في نظر الإسلام هو كيفية العمل لا مقداره ، وعليه فإذا كان العمل قد أتى به المكلّف بإخلاص بالغ فيمكن أن تنزل آية قرآنية حتّى على إنفاق أقل من أربعة دراهم ولو أن شخصاً أنفق جبلاً من ذهب ولكن لم يكن يتزامن مع الإخلاص والتوجّه القلبي إلى الله تعالى فليس له أية قيمة ولا تنزل في حقّه آية شريفة.
٣ ـ ونقرأ في الآية ١٧٣ من سورة آل عمران :
(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
هذه الآية الشريفة نزلت في حرب احد عند ما تخلّف بعض المسلمين عن امتثال أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله وتركوا مواقعهم واشتغلوا بجمع الغنائم الحربية فاستفاد الأعداء من هذه الفرصة ومن غفلة المسلمين وداروا حول جبل احد وهجموا على المسلمين من ورائهم وحققوا نصراً كبيراً على المسلمين وقتلوا سبعين مسلماً في تلك الواقعة.
إن الكفّار والمشركين لم يقنعوا بهذا النصر على المسلمين فعند ما كانوا يعودون إلى مكّة قال أحدهم : نحن الذين حقّقنا هذا النصر فلما ذا لم نقتل محمّداً لنختم على هذه الدعوة الجديدة ونقلعها من جذورها؟ فإذا لم نفعل ذلك في هذا اليوم فالإسلام والمسلمين سوف
__________________
(١) الكشّاف : ج ١ ، ص ٣١٩.