٥ ـ ونقرأ في أول آية من سورة الممتحنة قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ...)
ذكر الكثير من المفسّرين أن هذه الآية الشريفة نزلت في «حاطب ابن أبي بلتعة» وكان رجلاً واحداً واستعملت في حقّه صيغة الجمع «الّذين ، آمنوا ، لا تتّخذوا ، عدوّكم» وهذا يدلّ على العمل العظيم الذي أراد القيام به ، وهو أن رسول الله صلىاللهعليهوآله عند ما عزم على فتح مكّة قام بسد المنافذ والطرق المؤدية إلى مكّة لكي لا يصل خبر تجهيز جيش المسلمين إلى الكفّار والمشركين في مكّة ليتم الفتح بسهولة ويسر ومن دون إراقة دماء ولكن (حاطب) الذي كان يمتلك بعض المال والثروة في مكّة قال في نفسه : إنني لو أخبرت أهل مكّة عن استعداد جيش المسلمين لقتالهم فأضمن سلامة أموالي وأتمكن من إخراجها من أيدي المشركين وكما يقول السياسيون في عصرنا الحاضر : «أربح امتيازاً».
ولهذا كتب رسالته بهذا الغرض إلى رؤساء مكّة وسلّمها لامرأة تدعى «سارة» لتوصلها إلى مكّة فاخفت الرسالة في طيات شعرها وتوجهت إلى مكّة.
فنزل جبرئيل وأخبر النبي صلىاللهعليهوآله بالمؤامرة المذكورة فارسل الإمام عليّ عليهالسلام وبعض الأشخاص لكشف هذه المؤامرة ، فتوجّهوا نحو المرأة المذكورة وأخيراً استطاعوا أن يكتشفوا الرسالة ويعودوا إلى المدينة ، وهنا نزلت الآية الشريفة في توبيخ حاطب وقال بعض الأصحاب : دعنا نقتل حاطب ولكن النبي صلىاللهعليهوآله الذي رأى حالة الندم على حاطب وكان من المجاهدين سابقاً واشترك في حرب بدر عفى عنه وأطلقه (١).
ففي هذه الآية نرى أيضاً أن «حاطب» رجل واحد ولكنّ الآية وردت بصيغة الجمع.
٦ ـ نقرأ في الآية ٥٢ من سورة المائدة :
(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ ...)
حيث أمر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله المسلمين بقطع علاقاتهم وروابطهم مع الكفّار والمشركين
__________________
(١) الكشّاف : ج ٤ ، ص ٥١١.