بها لأنهم أولياء الله وأحباؤه ، أمّا في يوم القيامة فهي خالصة لهم ، لأن نعيم الآخرة هو نعيم الثواب الذي لا يستحقّه إلا المؤمنون ، وبهذا تكون كلمة (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) من متعلقات الفعل المقدر بعد كلمة «هي» ، أي كائنة في الحياة الدنيا ، لا من متعلقات كلمة (آمَنُوا) ؛ والله العالم.
(كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ليعرفهم الخط العملي في الحياة ، حتى لا تختلط عليهم الأمور ، وتشتبه لديهم المفاهيم ، في ما يقبلونه ويرفضونه ، على أساس الفلسفات المنحرفة التي تأتيهم من هنا وهناك.
* * *
الأشياء التي حرمها الله
(قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) فالله لم يحرم حاجات الحياة الطبيعية التي تبني الجسد وتريحه ، بل حرّم الأشياء التي تسيء إلى سلامة الروح ، وصفاء الفطرة ، ونظام الحياة ... فليست المسألة عنده أنه يريد أن يحرم عباده من متع الحياة ولذاتها ، بل كل ما يريده ، أن يمنع عنهم ما يكدّر هذه المتع ويشوّه جمالاتها ... فما الأشياء التي حرّمها؟ لننظر إلى هذه الأمور التي ذكرها في الآية كنموذج. فقد (حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) ، وهي المعاصي التي تبلغ الحد الكبير من القبح والإنكار في حياة الناس ، كالزنى واللواط ونحوهما ... (ما ظَهَرَ مِنْها) ، أي ما أعلن ، كما في نصب الرايات التي كانت ترفعها اللواتي يؤتين الفاحشة في الجاهلية ، (وَما بَطَنَ) وهي العلاقات المحرمة التي كانت تأخذ طابع السرية ، أو التي كانت تأخذ صفة الشرعية دون أساس ، كنكاح الأبناء زوجات آبائهم من غير أمهاتهم ... فقد اعتبره الله فاحشة محرّمة ، مما بطن من الفواحش. (وَالْإِثْمَ) وهو الفعل الذي يكتسب الإنسان به الانحطاط في أخلاقه ، والهوان والسقوط في حياته ، كشرب الخمر