وهكذا ينصف القرآن المرأة ليرتفع بموقعها إلى موقع الرجل ولا يحمّلها مسئولية إغواء الرجل ، كما هو الواقع الخارجي ، فنحن نرى أن الرجل قد يغوي المرأة في بعض الحالات كما أن المرأة تغويه في حالات أخرى.
* * *
إيحاءات كلمة «الشجرة»
ليس هناك برهان ثابت على نوعية هذه الشجرة ، فالنصوص المأثورة تذهب في هذا المورد مذاهب شتى ، فمنها من يرى أنها شجرة الحنطة أو التفاح ، من خلال التفسير المادي لها ، ومنها من يرى أنها شجرة الحسد الذي ربما عاشه آدم أمام بعض المخلوقات المقرّبة من الله بدرجة أرقى منه ، ممّا جعله يختزن المشاعر المضادّة لها كأيّ حاسد تجاه أيّ محسود ، ومنها من يرى أنها شجرة العلم والمعرفة وشجرة الحياة ، كما تقول التوراة : إن آدم لم يكن عالما ولا عارفا قبل أكله من شجرة العلم والمعرفة ، حتى أنه لم يعرف ولم يميّز عريه ، وعند ما أكل من تلك الشجرة ، وصار إنسانا بمعنى الكلمة ، طرد من الجنة خشية أن يأكل من شجرة الحياة فيخلد كما الآلهة ... هذا في الجانب المعنوي من التفسير.
ولكننا نلاحظ أن قصة الحسد ليست واردة في حسابات آدم الذي لم ينفتح ، في ما يبدو ، على العنصر الذاتي في شخصيته تجاه الآخر ـ أيّا كان ـ بل كانت المسألة ، من خلال وحي القرآن ، مسألة أحلامه الذاتية التي أثارها الشيطان في داخل ذاته مما يتصل بخلوده وارتفاعه إلى عالم الملائكة الذي اطلع عليه في تجربته في بداية خلقه ، هذا مع ملاحظة أن الحسد لا يتحرك من الغريزة الذاتية المجردة ، بل ينطلق من اصطدام الإنسان بالآخر من خلال